Share This Article
العراق
ماذا لو تغير النظام بعد احتجاجات تشرين وتخلص الشعب العراقي من السلطة الكابسة على أنفاسهم وذلك عن طريق كفاح مسلح تقوم به الكائنات الفضائية التي أخذت بالصدفة تراقبنا من خارج الغلاف الجوي. وبعد انتهاء العمل البطولي الذي قامت به تلك الكائنات التي (أخذتها الغيرة علينا) ستعرج إلى السماء وتغوص في عمق الفضاء بعد أن تسلم دفة القيادة بأيدي من يسمون أنفسهم قيادات تشرين أو ناشطيها أو مثقفيها الثوريين. ماذا لو تغير النظام بعد احتجاجات تشرين
فكيف سيكون الوضع القادم للنساء وما هو التقدم الحقوقي والقانوني الذي تحرزه النسوة اللواتي شاركن مع الرجال في احتجاجات الأول من تشرين عام ٢٠١٩ حتى نهايتها؟
حضر في عقلي ما قرأت في كتاب الثابت و المتحول والذي يحكي فيه الشاعر أدونيس عن الثابت و الحفاظ على الوضع الحالي ضد المتغير و الجديد. يتكلم عن هذه الثنائية في التاريخ العربي وأن رأيه في الحضارة العربية بشكلها الحالي، بدينها الحالي، أو بنظرتها عن الدين ستقف كعصا أمام كل محاولات التغيير وان العالم العربي لن يتغير إلا عندما تتغير نظرته لكل شيء اللغة، التقاليد، الدين، مفهوم القداسة، لوضعنا في الكون وللماضي. ماذا لو تغير النظام بعد احتجاجات تشرين
لذلك سيكون السيناريو حول سعي هؤلاء الرجال لتكوين أحزاب ناشئة أو جديدة ليمارسوا الديموقراطية ويحلو محل السلطة السابقة. وكما هو ديدن الثورات والاحتجاجات العربية ستخرج لنا ديكتاتورية الجماهير التي ترفض الحريات الاجتماعية والفردية للآخرين والعدالة والمساواة. ستحاول وستنظم المرأة التقدمية أو الليبرالية إلى تلك الأحزاب لكن رجال الأحزاب الجديدة سيقولون لها أثناء العمل السياسي ( أششش… مكانك المطبخ). ماذا لو تغير النظام بعد احتجاجات تشرين
كما حصل ذلك مع النساء المصريات التقدميات اللواتي انضممن إلى حزب الدستور اليساري التوجه في العام 2012 وما بعدها. وهنا تتذكرون يا أخواتي أنكِ عندما خرجتي معهم لتغير الوضع السياسي كانوا يقولون عنكن ولمرات قليلة (نساؤنا فخرا لنا). ماذا لو تغير النظام بعد احتجاجات تشرين
لكن لم يأت على بالكن أنهم كانوا يعتبرونهم مجرد عدد إضافي لزيادة كثافة الحشود. عدد يهتم بتنظيف مواقع و خيم الاعتصام، يغسل الملابس، يطبخ ويوفر الطعام والدواء، يسعف الجرحى والمصابين. ماذا لو تغير النظام بعد احتجاجات تشرين
“وعلى الرغم من صمودكم في الاحتجاجات، والمسيرات، والاعتصامات وعلى الرغم من هتافاتكم، إصاباتكم، وتضحياتكم فهم لم ينظروا لكُن خارج إطار صورة المرأة الاجتماعية التقليدية في الأعراف والتقاليد البالية ذات الخصوصية الشرقية”. ماذا لو تغير النظام بعد احتجاجات تشرين
و لكي أقول الواقع، فعندما تخرج النساء التقدميات في مظاهرات سياسية سيثنون عليهم وبعضهم سيشاركون صورهم وهم سعداء. ستهتف المرأة مع الرجال ضد الفقر، الفساد، الخراب، الاغتيالات، والاعتقالات لكن إذا خرجت المرأة تعتصم وتهتف ضد اغتصاب أموالها وضد جرائم الشرف والمعتقلات المنزلية سيقف ضدها كل من الرجال الذين رافقتهم في التظاهرات السياسية و السلطة التي يتظاهرون ضدها لاضطهاد تلك المرأة التي تجرأت بوقاحة وطالبت بحقوقها. ماذا لو تغير النظام بعد احتجاجات تشرين
وأنتِ تخرجين في مظاهرة سياسية سيرددون عبارات بائسة ليظهروا لك أنهم ممتنون وفي ذات الوقت يصفون خصومهم بعبارات مسيئة وشتائم تمس خصوصيتك وكيانك كامرأة والأمثلة العراقية كثيرة لكن اود ذكر أمثلة بسيطة في دول عربية أخرى لنتذكر التشابه والطابع الواحد للمجتمعات. فأبسط إهانة تمس النساء ما قالوه جماهير الرجال في الثورة المصرية ضد الحكومة السابقة “ لو كان عبد الناصر عايش كان لبسكم طرح وغوايش“. ماذا لو تغير النظام بعد احتجاجات تشرين
لا ننسى أن النظام الذي يتظاهرون ضده يوصمهم بالنساء اللواتي يتظاهرن معهم فيقولون عنهن عاهرات، ولسن سوى نساء يقدمن خدمات جنسية، وهنا سيشعر أغلب الرجال المتظاهرين بالكره والغضب وأن وجود النساء أصبح عار وثقيل عليهم و ربما لتمنوا لو أنهن لم يخرجن معهم متناسين أنهم سيُتهمون بنفس التهم التي تستخدم الجنس إدانة بالسوء وتشويه السمعة بانعدام وجود النساء تحت ما يسمى تهمة العلاقات المثلية. ماذا لو تغير النظام بعد احتجاجات تشرين
وأنا أتذكر جيدا الجدل الذي حصل عام ٢٠١٩ بعد مرور شهر أو أكثر من الاحتجاجات والنقاشات حول “وجود النساء يساهم بتشويه المظاهرات والاعتصامات“. لذلك من منطلق الكراهية تمت مضايقة الكثير منهن والتعامل معهن بعدائية والتحرش بهن لكنهن آثرن الصمت من أجل اعتبارات كثيرة. ليس ذلك فحسب، بل تم إرهاب النساء وعوائلهم من خلال تهديدهم ونشر إشاعات عنهن بأنهن سوف يختطفن أو يغتصبن، من أجل منع خروج النساء لساحات الاحتجاج.
وهذا يذكرنا بما حصل في مظاهرات سوريا سابقا وكيف أن النظام هدد النساء والأهالي بأن
“بناتهم أو نساءهم إذا نزلن للشارع للأحتجاج سوف يتم التحرش بهن او يُغتصبن” و بدأ النظام السوري بالقبض على النساء واغتصابهن كنوع من أنواع الدعاية للترهيب. ماذا لو تغير النظام بعد احتجاجات تشرين
ومع استلام الرجال الجدد للسلطة وخيبة الأمل فيهم وانعدام حصول أي تغير إيجابي على وضع النساء. ستخرج النساء في مظاهرات نسوية وهنا يتعاملون معهن على أساس أنهن داعرات، فاجرات، عميلات، يقلقن أمن الدولة، ويحرضون على ثورة مضادة
هؤلاء نفس النساء اللواتي خرجن معهم في السابق في المظاهرات السياسية لم يسموهن ناشطات سياسيات بل (النسوة او الفتيات اللواتي يساعدن الرجال لإسقاط و نغير النظام السياسي وعندما نأخذ مكانه ونحكم سنرغمهم على البقاء في منازلهن). ماذا لو تغير النظام بعد احتجاجات تشرين
بصورة عامة عمدا أو جهلا هم يحاولون إقصاء المطالب النسوية ويعتبرونها مطالب غير سياسية في حالة كونهم يفقهون ما قضية المرأة. سيشيرون لها بأنها قضية ثانوية، غير ذات صلة وغير أولوية وأن حقوق النساء غير مهمة وهناك أمور لها أفضلية عنها وأن مطالب النساء والقضايا المرتبطة بهن فئوية. لا يعترفون بأن استحقاقات النساء هي مطالب سياسية وتغيير قوانين الأحوال الشخصية هي تغيرات سياسية والتزام العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص هي التزامات سياسية وقوانين مناهضة ومعاقبة مرتكبي العنف الأسري والتحرش والعنف المدرسي هي تشريعات سياسية. ماذا لو تغير النظام بعد احتجاجات تشرين
وفي النهاية ستُعد كل ثورة نسوية من أجل الحقوق المتأصلة عرقلة لمسار الثورة الحقيقية وربما يتحججون بأن الشعب لا يريد ذلك وأنهم يلبون رغبة غالبية الشعب ويضحون بمعظم مطالب النساء التقدميات اللواتي يطمحن لإزالة التمييز للقضاء على الاضطهاد و الأمل بخلق بيئة أمنة قائمة على الحرية والسلام لنساء وأطفال المستقبل.
أي ثورة أو احتجاج في العراق هدفه هو تغير الحكام لا الأعراف ولا التقاليد ولا التشريعات التي توصل لممارسة الدكتاتورية المجتمعية على الآخرين. سيرفضون وترفض الجماهير الثائرة إنسانية النساء.