Share This Article
تستذكر باكيزا صالح، معاناتها قائلةً: “كانوا يختطفون الفتيات الصغيرات لتقديمهن هدايا لمقاتلي تنظيم داعش أو بيعهن في أسواق النخاسة. قالوا إن الإيزيديين كفار“.
هذه السيدة البالغة من العمر خمسين عاماً، ليست المرأة الوحيدة في مخيم مام رشان، الواقع في محافظة نينوى شمال العراق، التي تجهل مصير أحبائها الذين أسرهم داعش في عام 2014. وهي اليوم تتقاسم معاناتها مع من تبقى من الناجين الإيزيديين والتركمان في المخيم. الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار
ولعل الشيء الوحيد الذي يهدئ من روع صالح، هو أنّها عاشت لتشهد عودة بعض أحبائها، من بينهم بناتها الخمسة وابنها البالغ من العمر تسع سنوات.
وإلى جانب مسألة العودة الآمنة، ثمة صراع آخر يعيشه كل من كان يومًا أسيرًا لدى التنظيم، وهو يتمثل في وصمة العار التي يُوصم بها جرّاء هذه التجربة، في مجتمع محافظ جدًا. الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار
مام رشان هو واحد من إجمالي ثمانية وعشرين مخيمًا مشابهًا في البلاد، علمًا أنّ عدد المخيمات في السابق أعلى بكثير، لكن الحكومة العراقية أغلقتها على عجل خلال عام 2020 الماضي. الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار
وتشير التطورات الأخيرة التي أفرزت مجموعات مسلحة حكومية وغير حكومية في منطقة سنجار الإيزيدية التاريخية، والتي تشكل جزءًا من محافظة نينوى، إلى أنّ انتظار الإيزيديين النازحين عودة أكثر استقرارًا إلى ديارهم سوف يطول. الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار
الاستعباد الجنسي
تستذكر صالح كيف سيطر تنظيم داعش، على قريتها و تشرح كيف أمر قادة المجموعة بإلقاء القبض على الرجال والصبيان الذين تزيد أعمارهم عن عشر سنوات. “أخذوا زوجي وابني البالغ من العمر أحد عشر عامًا. ليس لدينا أدنى فكرة عن مكانهما“.
وفي أغسطس/ آب 2014، هاجم تنظيم داعش، المجتمع الإيزيدي في قضاء سنجار شمال العراق، في حملة صنّفها المجتمع الدولي إبادة جماعية. وتفيد الشهادات التي سجّلتها الأمم المتحدة إلى أنّه بينما قد يكون الرجال قد تعرضوا لعمليات إعدام جماعية، “تم نقل الصبيان إلى معسكرات تدريب التنظيم حيث خضعوا لتلقينٍ عقائدي”. الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار
توضح صالح أنّ مقاتلي داعش، أرسلوها وبناتها الخمس وابنها دحام البالغ من العمر تسع سنوات إلى سجن بادوش في الموصل، وهي مدينة رئيسية في شمال العراق. في وقت لاحق، نُقلت وبناتها الخمس من قبل مسلحي داعش، إلى سوريا، تم اختطافهن للاستعباد الجنسي. وتتابع صالح باكية: “لمدة عامين، باعوا بناتي من رجل إلى آخر، وأصبحت فتياتي الجميلات عبدات لهم“. الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار
و أطلق تنظيم داعش، على الإيزيديين، وهم أقلية دينية، لقب “الكفار”، وأيّد إدراج نسائهم في فئة “المحظيات” باعتباره “جانبًا راسخًا في الشريعة”. حتى أن الجماعة نشرت كُتيّبات لمقاتليها تحوي نصائح حول كيفية استعباد الأسيرات واغتصابهن. الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار
الهجرة إلى ألمانيا
في حين يمكن القول إنّ داعش قد هُزم على نطاق واسع في المنطقة، لا يوجد استنتاج مماثل عندما يتعلق الأمر بتحديد مكان المخطوفين على أيدي مقاتليه وإعادتهم إلى بر الأمان. الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار
ومكتب إنقاذ المختطفين الإيزيديين في دهوك هو أحد الهيئات المكلفة القيام بهذا العمل، إذ من خلال التعامل مع وسطاء موجودين في سوريا، نجح هذا المكتب بتحرير 5373 أسيرًا من أصل 6417 أيزيديًا معروفًا. وتحدث هذه التبادلات مقابل مبالغ مالية يمكن أن تتراوح بين 3000 إلى 10000 دولار أميركي للفرد.
قال عبد الله شريم، أحد العاملين في مكتب الإنقاذ بأنّ الأموال المدفوعة لتحرير الإيزيديين “يتم توفيرها من قبل عائلات الضحايا أو بعض المتبرعين”. الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار
وفي أوائل عام 2016، تفاوض المكتب على إطلاق سراح اثنتين من بنات صالح وعودتهما. وهما فس سن 15 و17، وتم نقلهما لاحقًا إلى ألمانيا عبر برنامج بادن فورتمبيرغ الذي تم إطلاقه في عام 2014. وقدّم البرنامج المساعدة لنحو 1100 امرأة وطفل ممن نجوا من أسر داعش ومن بينهم نادية مراد الحائزة على جائزة نوبل للسلام لعام 2018. الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار
أما صالح، فبقيت في الأسر حتى نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2016، عندما أطلق مكتب الإنقاذ سراحها مع ابنها الأصغر واثنتين من بناتها. وبعد أشهر، تم إطلاق سراح آخر بناتها.
وعلى الرغم من أنّها لم تر ابنتيها اللتين هاجرتا إلى ألمانيا منذ سبع سنوات، تقول صالح إنّها سعيدة “لأنهما في مكان آمن الآن، بعيدًا من جحيم هذا البلد”. الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار
السلطات العراقية تغلق المخيمات
وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة، لا يزال لدى العراق نحو 1.22 مليون نازحًا داخليًا. وبدأت بغداد، التي تعرف جيدًا هذه الأرقام منذ أواخر عام 2020، بإغلاق المخيمات في جميع أنحاء البلاد بحجّة أنّ الوضع الأمني أصبح أكثر استقرارًا في البلاد. الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار
وأثارت هذه الخطوة انتقادات كثيرة من قبل الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان الدولية التي اعتبرت أنّ “عمليات الإغلاق تمت من دون إشعار كافٍ ومشاورات مع النازحين“.
مع ذلك، قال الباحث والمحلل السياسي سجاد جياد إنّ “العدالة والمصالحة هما أكبر التحديات التي تواجه النازحين داخليًا الذين يرغبون في العودة إلى ديارهم، وكذلك الوصمة التي وُصموا بها عندما أصبحوا أسرى لدى داعش”، مما يزيد من المخاطر”. الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار
وأدت تحركات بغداد المتسرّعة إلى نزوح معاكس نحو إقليم كردستان شبه المستقل. وتقول أربيل إنّ 1300 نازح داخلي عادوا إلى المخيمات في المناطق الكردية منذ بداية عام 2021 الحالي.
وفي سياق متصل، صادق الرئيس العراقي برهم صالح في 8 مارس/ آذار على مشروع قانون “الناجيات الايزيديات“. ويعِد هذا القانون بدعم الناجين من تنظيم داعش، سواء كانوا من الأقليات العرقية أو الدينية. الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار
عودة نازحي سنجار
لمدة سبع سنوات، ومنذ غزو تنظيم داعش لسنجار عام 2014، عاش مئات الآلاف من الإيزيديين في مخيمات للنازحين داخليًا. وإذا ما رصدنا التطورات التي شهدتها سنجار أخيرًا، فإن أي مسار للعودة إلى الوطن مرة أخرى لا يبدو مطمئنًا. الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار
ففي منتصف فبراير/شباط من عام 2020، انتشرت شائعات عن توغل تركي محتمل في المنطقة بعد أن قادت أنقرة عملية عسكرية ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني (PKK) المتمركزين في شمال العراق. وتندرج الهجمات التركية عبر الحدود ضمن سيناريو لا ينفك يتكرر في الحرب بين أنقرة والحزب.
ودفع الحديث عن هذا التوغل قوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران إلى الانتشار في المنطقة. وأرسلت هذه القوات ثلاثة ألوية إلى المنطقة، وأفادت التقارير بأنها أقامت قواعد على جبل سنجار وعلى طول الحدود مع سوريا. الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار
وهناك عقبة أخرى أمام عودة الإيزيديين تتمثل في الوجود المستمر للعديد من القوى المتنافسة “التي تتولى الأمن” في سنجار. وتشمل هذه القوى الجيش العراقي من جهة، والبيشمركة الكردية وقوات الحشد الشعبي من جهة أخرى، بالإضافة إلى قوات الدفاع الذاتي الإيزيدية مثل وحدات مقاومة سنجار (YBS) وقوة حماية إيزدخان (HPÊ)، المرتبطة بحزب العمال الكردستاني والبيشمركة على التوالي. الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار
وفي عام 2018، كان الصراع على السلطة بين بعض هذه الجماعات على أشده عندما اشتبكت قوات الحشد الشعبي في سنجار مع قوة حماية إيزدخان، وأسرت أكثر من عشرين عضوًا من الجماعات المسلحة الإيزيدية. الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار
ولا بد من أخذ عامل آخر بالاعتبار وهو الجمود بشأن إعادة تأهيل بغداد لسنجار وإعادة بناء المنازل المتضررة. علاوة على ذلك، فإن المخاطر الصحية والمأزق الاقتصادي والإداري الناجم عن جائحة كورونا جعلت مشهد محنة الإيزيديين أكثر قتامةً.
وتقول صالح إنّها فقدت كل أمل” في العودة إلى ديارها في سنجار. عوضًا عن ذلك، حاولت على مدى العامين الماضيين أن تهاجر إلى أستراليا مع أولادها، وقالت: “أريد أن يكون أطفالي في مأمن. لا يمكنني محو وصمة العار التي وُصمت بها أسرتي أثناء الأسر على يد تنظيم داعش“. الإيزيديون يخشون العودة إلى سنجار
تم نشر المقال مع امواج ميديا