Share This Article
يوضح الباحث في علم الحشرات في جامعة السليمانية فرهاد خضر ” أن الأساليب الجائرة المستخدمة لا تقضي على الأسماك فحسب، بل تبيد الأنواع الأحيائية الموجودة في المستوطنات المائية، إذ تقتل الحشرات التي تُعد مصدر الغذاء الرئيس لعدد من الأسماك، كما تقتل الأحياء الدقيقة التي تُعتبر إحدى الحلقات الأساسية للسلسلة الغذائية في البيئة المائية، وهذه التأثيرات السلبية لا تؤثر في تغير المناخ على المدى البعيد فحسب، بل تساهم أيضاً في تغيّرات بيئية سلبية، تؤدي إلى هدمها وتقليل تنوعها الأحيائي وكثافتها بمرور الزمن”. الصيد الجائر في الأهوار العراقية
أما الخبير البيئي جاسم الأسدي فيرى “أن الصيد الجائر كثقافة دخيلة في المجتمعات المحلية يؤثر سلباً في سكان الأهوار على المدى البعيد لجهة تناقص الأحياء المائية التي يستأثرون بصيدها، وهذه إحدى الكوارث التي من شأنها شلّ قدرة الأنواع المائية في التكاثر وظهور أجيال جديدة منها في البيئة الأهوارية”.
يذكر أن قانون 48 لسنة 1976 يعاقب بالسجن مدة سبع سنوات وغرامة مالية بحق أي شخص يستخدم أساليب قد تؤدي إلى الإبادة الأحيائية في الصيد كالسموم والكهرباء. الصيد الجائر في الأهوار العراقية
إضافة إلى الأثر السلبي على الاقتصاد الذي يتركه الصيد الجائر وما يتبعه من تأثير مباشر في التنوع الاحيائي في الاهوار، فإنه خلق بيئة غير صحية من خلال إدخال أنواع من السموم المتنوعة لهذه المناطق، ناهيك بالتنافس الشديد بين الصيادين على مثل هذه المواد، بغية صيد أكبر كمية من الأسماك ما يؤدي إلى صدامات مسلحة على مناطق النفوذ واستمرار هجرة السكان المحليين. ويشير عضو لجنة إنعاش الأهوار علاء البدران إلى أن الصيد الجائر يُمارسه غالباً صيادون يأتون من خارج الأهوار. ويقول في هذا السياق، “يأتي معظم الصيادين من خارج مناطق الصيد، يقضون على الكائنات المائية من خلال صيد غير قانوني لا يراعي أي شروط بيئية، ما يتسبب بعجز المسطح المائي عن تجديد حيويته وتكاثر الكائنات”. وينتج عن الصيد الجائر موت عشرات الآلاف من أطنان الأسماك الصغيرة سنوياً، وانقراض أعداد كبيرة منها وتفشي فايروس “نخر الخياشيم” بسبب سوء إدارة تربية الأسماك في الأنهار. الصيد الجائر في الأهوار العراقية
نشأ كرار جاسم (21 سنة)، بالقرب من مسطح الجبايش المائي في عائلة جنوبية، اعتاد مرافقة والده وإخوته في رحلات صيد يومية منذ الخامسة من عمره، فتعلّم تقنيات الصيد وأساليبه وأصبح مصدر رزقه الوحيد. يخرج للصيد مطلع فجر كل يوم، بواسطة “المشحوف”، باحثاً عن أماكن تجمّع الأسماك التي “تقل في بعض الأحيان وهناك أنواع كثيرة بدأت بالاختفاء بسبب استخدام الصيادين للكهرباء، على رغم أنني أحصل على كمية أقل مما يحصل عليه هؤلاء إلا أنني سعيد بما أصطاده كل يوم، هذا ما تعلمته من والدي وأجدادي أن لكل كائن رزقه وعلينا ألا نتعدى عليه”. يتّبع كرار الطرائق التقليدية في الصيد، لكنه يشعر بالأسف على ما وصلت إليه الأهوار، إذ بدأت ملامحها تتغير بخلاف ما كانت عليه في طفولته. بدأت الأحياء المائية بالتناقص والاختفاء وهو يخشى ألا يبقى أي إرث للأجيال الآتية، بسبب التغيرات التي طاولت البيئة المائية: “غالباً ما يلتزم الصيادون هنا بالقَسَم داخل مجلس العشيرة في بعض المناطق بحرمة الصيد الجائر وعدم الإخلال ببيئتهم التي تمثل مصدر رزقهم الوحيد”. ولكن لا يكون لهذه التقاليد تأثير في غياب قوانين حماية الطبيعة والتنوع الأحيائي. ويؤكد الأسدي أن الشرطة البيئية هي المسؤولة عن مراقبة الصيد الجائر، لكنها غير فعّالة. في هذا الإطار، يشدد مدير مركز أبحاث الأهوار علي عبد الخبير على ضرورة تفعيل القوانين التي تمنع الصيد الجائر، خصوصاً في فترة تكاثر الأسماك من منتصف شهر شباط/ فبراير حتى منتصف أيار/ مايو، لكن غياب مصدر بديل لمعيشة الصيادين خلال هذه الفترة، يصعّب تطبيق القوانين. الصيد الجائر في الأهوار العراقية
تم نشر المقال مع موقع درج
الصيد الجائر في الأهوار العراقية
جفاف العراق: الأثر المدمر على حياة الجاموس و الأطفال