Share This Article
العراق
على الرغم من عدم احتواء القانون العراقي على أي قانون مباشر لتجريم العلاقات المثلية، إلا أنه يتم استخدام بعض القوانين الضبابية التي تستخدم لمعاقبة وتجريم مجتمع الميم-عين في العراق بشكل غير مباشر كـ قوانين الأخلاق العامة وقيم الأسرة. التأثير والخلافات: تجريم المثلية الجنسية في القانون العراقي
إلا أن منظمة العفو الدولية اعتبرت العراق واحد من ٩ بلدان في العالم تعاقب المثلية بالإعدام.
ويعود ذلك لما يعانيه أفراد مجتمع الميم-عين في البلاد من عنف وتعذيب وقتل، فلا يقتل أفراد مجتمع الميم عين، بسبب وجود قوانين اعدام ومحاكمات قانونية، وإنما يتم قتلهم في الغالب من مليشيات لها محاكمها الشرعية الخاصة، والتي تعاقب على المثلية بالإعدام اعتماداً على فتاوى دينية من المراجع ورجال الدين.
مجازر مجتمع الميم عين في العراق
قامت المليشيات المسلحة الدينية في العراق بالعديد من حملات التصفية لأفراد مجتمع الميم-عين في العراق بعد إصدار موافقات وفتاوى من بعض رجال الدين، وكان على رأس هذه المليشيات مليشيا جيش المهدي التابعة لرجل الدين والسياسي الشيعي مقتدى الصدر، والتي كانت تطارد وتقتل كل شخص تشك بمثليته، وراح ضحية حملة الايمو (أحد هذه الحملات) مثلا، العديد من الأشخاص حتى وإن لم يكونوا مثليين، بسبب مظهرهم ونمط حياتهم غير المعياري، متمثلًا بملابس او قصات شعر غير تقليدية. التأثير والخلافات: تجريم المثلية الجنسية في القانون العراقي
وتعتبر مثل هذه الحملات هي السبب الرئيسي لاعتبار العراق واحد من أخطر الدول على أفراد مجتمع الميم-عين في العالم حتى وإن لم يحتوي القانون العراقي على عقوبة الإعدام. ومن الجدير بالذكر أن جميع المليشيات التي تقوم بهذه الحملات، لا تواجه عقوبة او اي اجراء قانوني.
المعاناة في العراق وسبب التشريع
في هذا الشأن يقول يوسف علي (اسم مستعار) ٢٢ عامًا : “لا يملك أفراد مجتمع الميم-عين في العراق، اي حقوق او اي قدرة على الظهور و الحديث أو حتى عيش الحياة التي يريدونها، بل بالعكس فهم مهددون بخطر القتل والموت باي لحظة، من عوائلهم، المليشيات، والمجتمع. ولا تعتبر المثلية “ظاهرة” في العراق، فهي لا تزال سرية ولا يفصح الافراد عن ميولهم او يتحدثون عنها لما يمكن أن يسببه الموضوع من خطر على حياتهم“. التأثير والخلافات: تجريم المثلية الجنسية في القانون العراقي
فيما يشعر هايدن ٢١ عامًا من النجف : “وضعنا كأفراد مجتمع الميم-عين في العراق سيء جداً، فحتى من دون تشريع قانون الاعدام فان حياتنا في خطر، ولكن القانون هذا سيزيد الخوف والخطر علينا. كما أنه ساهم وحتى قبل إقراره بزيادة خطابات الكراهية ضدنا أكثر مما سبق، فحتى الأشخاص البعيدين عن هذا الموضوع، أصبحوا يظهرون ترحيبهم بهذا القانون، فهو القانون الذي يخلصهم من “الشذوذ”، ويحافظ على قيمهم ومجتمعهم كما يرون”. التأثير والخلافات: تجريم المثلية الجنسية في القانون العراقي
ثم يكمل ويقول “انتشار خطابات الكراهية هذه، جعلنا نسمعها حتى في عائلاتنا، حتى عبر مجموعة واتس اب للعائلة قام العديد منهم بإرسال خبر القانون فرحين به ويقولون إن القانون سيخلصنا من غضب الله وارتفاع درجات الحرارة التي تعاني منها البلاد طوال الصيف مع غياب الخدمات“.
في الوقت الذي يبرر البرلمان العراقي الحاجة لهذا القانون بذريعة الحفاظ على كيان المجتمع العراقي من الانحلال الاخلاقي، و دعوات الشذوذ الجنسي التي هزت العالم وخلو التشريعات العراقية من العقاب الرادع لأفعال الشذوذ الجنسي ومن يروج لها فإن هذا السبب غير مقنع في ظل ما يعانيه ويعيشه أفراد مجتمع الميم عين في العراق من قتل وتهميش والاخفاء القسري، فما هو السبب الحقيقي لما يحدث في العراق؟ التأثير والخلافات: تجريم المثلية الجنسية في القانون العراقي
الجمهور والأهداف السياسية
لا يخفى على أحد، سهولة السيطرة على الجمهور والحصول على تأييدهم من خلال خلق عدو وهمي ومن ثم تسليط كل الغضب عليه. ففي الوقت الذي يعاني فيه العراق, من الفقر والتصحر وقضايا المناخ والكهرباء وافتقاره إلى أبسط مقومات الحياة، يحاول رجال الدين والسياسية شن خطاب الكراهية ضد المثلية الجنسية لتشتيت انتباه الجمهور عن ما يحدث، وحتى الحصول على الدعم الجماهيري. التأثير والخلافات: تجريم المثلية الجنسية في القانون العراقي
أدى خطاب الكراهية المستمر ضد مجتمع الميم عين في العراق، الى ظهور جماعات هائلة من المجتمع العراقي ممن هم على استعداد لدعم كل من يقوم بفعل أو قول ضد مجتمع الميم-عين، مما أدى الى تولد استقطاب وصراع سياسي بين قطبي البيت الشيعي في العراق، التيار الصدري المتمثل بمقتدى الصدر، و الإطار التنسيقي الذي يمثل الجناح السياسي للحشد الشعبي ومليشيات العراق الاخرى للحصول على تأييد هذا التكتل الجماهيري. التأثير والخلافات: تجريم المثلية الجنسية في القانون العراقي
فإن استطاع الإطار التنسيقي إنهاء هذا القانون واقراره، فهم بذلك يقلبون الطاولة على مقتدى الصدر، ويكسبون كل الأصوات الانتخابية للأشخاص الكارهين للمثلية. الذي كان مقتدى الصدر يقوم بسحبها واستدراجهم من أجل الحصول على جمهور اكثر من خلال خطابات الكراهية المستمرة.
يقول حسين ١٩ عامًا، شاب مثلي من البصرة جنوب العراق : “ما يحدث الان هو لأغراض سياسية بالدرجة الأساس، والأشخاص الذين يحاولون تمرير القانون يحاولون جذب الحشود والأصوات من خلال هذا القانون، والدليل هو الجهل القانوني لدى العديد من مشرعي فقرات هذا القانون. كما أن آراء المجتمع الكارهة للمثلية والمنتشرة في الفترة الأخيرة كانت أحد الأسباب، لأن هؤلاء الأفراد يمثلون العديد من الأصوات المحتملة في الانتخابات“. التأثير والخلافات: تجريم المثلية الجنسية في القانون العراقي
بينما ترى سمر ٢٠ عامًا وهي عابرة من بغداد: ” إن الغرض من القانون هو سياسي، من عدة جهات، فمن جهة فإن تقنين اعدامنا سيرضي العديد من الأصوات، ومن جهة اخرى فان هذا القانون يمكن أن يُعد كإنجاز سياسي لهم، بالإضافة إلى استخدامه للتغطية على فشل الحكومة بكل المجالات“. التأثير والخلافات: تجريم المثلية الجنسية في القانون العراقي
هل القانون ينتهك الدستور العراقي؟
على الرغم من أن اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، اعتبرت القانوني لا يتعارض مع الدستور وقامت بتمريره إلى أن هذا القانون يعتبر انتهاك صارخ للدستور العراقي، فيقول خبير قانوني عراقي (فضل عدم ذكر اسمه):
“ان قانون تجريم المثلية الجنسية الذي يناقش حالياً في مجلس النواب و الذي سيتم تضمينه ضمن تعديل قانون مكافحة البغاء رقم (8) لسنة 1988 لإدراج تجريم المثلية والشذوذ الجنسي وحتى المصطلحات المتعلقة بها مثل الجندر و النوع الاجتماعي، على الرغم من أن قانون العقوبات العراقي رقم ( 111) لسنة 1969 المعدل جرم العلاقة الجنسية المثلية في المواد ( 393 و394 ) الا ان مشروع القانون الجديد يعد انتهاك صارخ للدستور العراقي وخاصة المادة (41) التي تكفل حرية الالتزام في الأحوال الشخصية حسب اختياراتهم. وكذلك انتهاك للمادة ( 38 ) من الدستور التي تكفل حرية التعبير عن الرأي في كافة الوسائل كون مشروع القانون جرم الدفاع عن حقوق المثليين والترويج له بعقوبة السجن لمدة 7 سنوات”. التأثير والخلافات: تجريم المثلية الجنسية في القانون العراقي
مضيفًا” ان هذا القمع الواضح للدستور والقانون هو فقط لإعادة الاحزاب الاسلامية الى الواجهة بعدما استهلكت خلال عقدين خطابها الديني والطائفي والعرقي، بالاضافة الى ضرب حريات التعبير بعدما أصبح المجتمع أكثر وعياً وادراكاً بعد احتجاجات تشرين منذ 2019 لأهمية حرية التعبير عن الرأي والتظاهر“.
ان القمع الواضح للدستور والقانون هو فقط لإعادة الاحزاب الاسلامية الى الواجهة بعدما استهلكت خلال عقدين خطابها الديني والطائفي والعرقي، بالاضافة الى ضرب حريات التعبير بعدما أصبح المجتمع أكثر وعياً وادراكاً بعد احتجاجات تشرين منذ 2019 لأهمية حرية التعبير عن الرأي والتظاهر
تأثير القانون على مجتمع الميم عين
في الوقت الذي لا يهتم به السياسيين بحياة العديد من العراقيين من أفراد مجتمع الميم-عين من أجل الحصول على مكاسب سياسية حتى وان تلطخت أيديهم بالدماء، فإن أفراد مجتمع الميم-عين ممن يعيشون داخل العراق، بدأ العديد منهم في التفكير بالهروب منه بشكل نهائي او اخفاء هويتهم. التأثير والخلافات: تجريم المثلية الجنسية في القانون العراقي
قال شاب مثلي الجنس يدعى حسين كاظم (اسم مستعار): “لا يؤثر القانون على مستقبلي فقط، وإنما أزال اي فرصة لي من اجل البقاء في العراق، فان كانت لدي رغبة للعيش والبقاء مع الناس الذين احبهم وفي الأماكن التي عشت بها مع العديد من الذكريات، فان هذه القانون سينهي كل هذه الاحلام“. التأثير والخلافات: تجريم المثلية الجنسية في القانون العراقي
ثم يكمل ويقول “مجرد سماعي خبر القراءة الأولى للقانون أصابني بالقلق، فأصبح الجميع يتفق فقط لكي يحاولوا معاقبتنا على اختلافنا و يتمكنوا من قتلنا بأبشع الصور. نحن نواجه كمية غير متناهية من العنف، ولكن يبدوا أن هذا لا يكفي بالنسبة لهم. هذا القانوني سيعطي الضوء الأخضر للمليشيات من أجل القيام بحملات تصفية ينتهي ضحيتها العديد من الأشخاص، حتى الذين لا ينتمون لمجتمع الميم-عين الا ان مظهرهم غير معياري على الأغلب. سنقتل وتهدر الدماء بكل برود، مجرد التفكير بالموضوع مرعب فكيف إن حدث؟“. التأثير والخلافات: تجريم المثلية الجنسية في القانون العراقي
حسب العشرات من أفراد مجتمع الميم-عين فإن العراق بلد غير آمن لهم، فهو خطر بالأصل حتى قبل إقرار القانون، ولكن القانون سيساهم في تصعيد الأمور وتحويل الوضع الى اخطر وأسوأ بمراحل، فتعرضهم للقتل لن يصبح مشروط بإصطدامهم بميليشيا فقط بل سيصبح أمر قانوني. وحتى ان لم يمر القانون فإن خطاب الكراهية والهجمات المستمرة بسبب القراءة الاولى للقانون وحدها تعتبر خطر كبير على حياتهم. التأثير والخلافات: تجريم المثلية الجنسية في القانون العراقي
فيما قال خالد ٢٤ عامًا من البصرة: ” يعد القانون إباحة للقتل ولا يختلف بشيء عن فتاوى تنظيم داعش والقاعدة الدموية. و للقانون تأثير مرعب إذا تم تمريره، فانا اتوقع ان تحدث مقابلات مع الأشخاص الذين يقومون باعتقالهم ويقومون بنشرها عبر مواقع التواصل في كل مكان، كما يحدث الآن للمجرمين والقتلة وأفراد تنظيم داعش، فالقانون هنا يساوينا مع اشد المجرمين،إلا أن حتى بعض هؤلاء المجرمين لا يُحكمون بالإعدام، ولكننا بنظر المشرع العراقي أسوأ من هؤلاء المجرمين”. التأثير والخلافات: تجريم المثلية الجنسية في القانون العراقي
أكد أحد العاملين في منظمة Baghdad Pride : “في الفترة الأخيرة تلقينا العديد من الرسائل لأشخاص من مجتمع الميم-عين بخصوص الهروب من العراق، أو عن تقديم اللجوء وخطواته، ويعود ذلك إلى الخطر المحدق الذي يحيط بهم من كل جهة“. التأثير والخلافات: تجريم المثلية الجنسية في القانون العراقي