Share This Article
العراق
“وصلتُ إلى المخيم بعد مقتل زوجي من قبل تنظيم داعش، وعلمتُ بحملي في الشهر الأول بعدها، حيث ولدتُ طفلتي في المخيم. وخلال هذه الفترة تعرّضتُ للعديد من الاتهامات من قبل ساكني المخيم والعاملين هنا، منهم من اتهمني بأنَّ والد طفلتي ينتمي إلى داعش، واتهمني آخرون بأن هذه الطفلة نتيجة لحمل غير شرعي، في كل مرة عند ذهابي إلى المركز الصحي للحصول على الحليب لطفلتي، كان أحد العاملين يحاول ابتزازي عن طريق طلب علاقة جنسية مقابل ما يقدمه لي من مستلزمات الصحية والغذائية“. نازحات المخيمات العراقية ضحايا الاستغلال الجنسي والسياسي
هذا ما قالته عائشة سليم، البالغة من العمر 26 عاماً، والنازحة في إحدى مخيمات حمام العليل، جنوب الموصل، مركز محافظة نينوى في العراق. هربت عام 2015 من مدينتها الخازر، الواقعة شمال مدينة الموصل، بعد مقتل زوجها أثناء استيلاء تنظيم داعش على المدينة، ولجأت إلى كردستان العراق، مع مجموعة من الأشخاص الذين هربوا من مناطق متفرقة كان يسيطر عليها التنظيم.
استقرت عائشة في مخيم حمام العليل، بعد تدمير مدينتها “الخازر”، من قبل القوات الكردية المعروفة باسم” البشمركة”، أثناء سيطرتهم على هذه المدن عام 2016 لملاحقة تنظيم داعش، ولم تتمكن من العودة اليها. نازحات المخيمات العراقية ضحايا الاستغلال الجنسي والسياسي
بعد سنوات من القضاء على تنظيم داعش، ما زال ملف النازحين قيد التمرير تحت قبة البرلمان مع كل دورة انتخابية، ومع وعود متكررة لأعضاء البرلمان بحل أزمة النازحين وإعادتهم إلى مناطقهم السكنية.
وبحسب الأرقام الرسمية، لعام 2022 فإن هناك ما يقارب مليونا و200 ألف نازح ما زالوا خارج مناطقهم الأصلية، منهم 25% تقريبا في المخيمات الرسمية، في حين يقطن الباقي خارج إطار المخيمات الرسمية، وفق العضو السابق في المفوضية العليا لحقوق الإنسان الدكتور علي البياتي. ولم تتمكن الحكومة العراقية حتى هذا اليوم من القيام بحملات إعمار فعلية لهذه المناطق. نازحات المخيمات العراقية ضحايا الاستغلال الجنسي والسياسي
“تحولوا إلى وحوش”
على مرّ التاريخ، في أوقات الكوارث والحروب، كانت النساء والأطفال هم الأكثر عرضة للاستغلال النفسي والجسدي. النساء اللواتي اضطررن للهروب من تنظيم داعش، ومغادرة ديارهن نحو مخيمات النزوح، وجدن أنفسهن عرضة للابتزاز الجنسي مقابل توفير الحماية لهن، أو الحصول على الإغاثة، ليتعرضن لاستغلال جماعات أخرى. فالأشخاص الذين يُفترض أن يتولوا حمايتهن تحولوا إلى وحوش لافتراسهن، حيث بلغ عدد النساء في جميع مخيمات النزوح العراقية عام 2019 حوالي 144،203 امرأة، حسبما أفادت الخلية العليا الإنسانية لتنسيق وإدارة المخيمات في العراق،
وترى مجاميع مسؤولة عن متابعة عودة النازحين، تشمل جهات حكومية ومحلية ودولية تدعى The Returns Working Group، “أن العشائر والسلطات الأمنية في بعض المناطق المحررة التي شهدت موجات نزوح إلى مناطق أخرى، كانت السبب الرئيسي في إعاقة عودة النازحين إلى مناطق سكناهم، بسبب صلة أحد أفراد عوائل النازحين بتنظيم داعش”. نازحات المخيمات العراقية ضحايا الاستغلال الجنسي والسياسي
تم إنشاء هذه المجموعة عام 2016، بما يتماشى مع الهدف الاستراتيجي لخطة الاستجابة الإنسانية للعراق لعام 2016، لدعم التطوع، تأمين عودة آمنة وكريمة للنازحين داخلياً، رصد الظروف في مناطق العودة والإبلاغ عنها وتحديد مدى الحلول الدائمة التي تم تحقيقها أو التقدم المحرز للعائدين.
“التعرض للتحرش من قبل القوات الأمنية”
إنَّ المحنة التي تعيشها النساء في مخيمات النزوح لم يتم التوصل إلى حل لمعالجتها إلى هذا اليوم، على الرغم من طرح ملف النازحين مع كل دورة انتخابية من قبل ممثلي المكون السنّي في البرلمان العراقي، ففي مخيم الحبانية الواقع شرق مدينة الفلوجة، في محافظة الأنبار، تعاني غالبية النساء من التعرض للتحرش من قبل القوات الأمنية التي تسيطر على المخيم، حيث تم توثيق عدة حالات من قبل أفراد المنظمات المسؤولين عن الدعم النفسي للنازحين، فهذه الفئة هي الوحيدة التي بإمكان بعض نساء المخيم الوثوق بها، بسبب حساسية الأمر وخصوصيته لدى بعضهن، حسبما قالت الباحثة النفسية،
داليا محمد، 35 عاماً: “معظم النساء في هذا المخيم قدمن من مجتمعات قروية تحكمها عادات عشائرية يكون الرجل هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، لذا أجد أن بعضهن، رغم صعوبة ما شهدن من فقدان منازلهن وأفراد أسرهن ومرارة العيش في هذه المخيمات، ما زلن يخشين الفضيحة، فلا يتم الشكوى ضد المتحرش ولا حتى فضحه، بسبب الخوف من أن يتم اتهام المرأة من بقية النازحين من مجتمعها بأنها المذنبة، إلا أنني في زيارات متكررة للمخيم تمكنت من بناء علاقة ثقة وطيدة مع بعض النساء، ووثقت حالات اعتداءات جسدية طالت بعضهن، ومنهن من رضخت بسبب التهديد، وأخريات كُنَّ على قدر من الشجاعة بما يكفي لكشف المبتزّ وإعلام الجهات ذات الشأن“. نازحات المخيمات العراقية ضحايا الاستغلال الجنسي والسياسي
ليلى عصام،27 عاماً (اسم مستعار)، نزحت مع أخواتها ووالدتها بعد أن قُتل والدها، منذ عام 2016 من منطقة القائم التي تبعد حوالي 400 كم شمال غرب بغداد، بالقرب من الحدود السورية، وتقع على طول نهر الفرات في محافظة الأنبار. تُعدّ القائم من أخطر المناطق التي استولى عليها تنظيم داعش لفترة طويلة، بسبب أهمية موقعها الحدودي، وإلى نهاية عمليات التحرير ما زالت المنطقة متنازعاً عليها، حيث ترفض العشائر عودة بعض النازحين المشتبه بانتمائهم إلى داعش، كما أفادت ليلى.
كانت واحدة ممن تعرضن للتحرش في مخيم الحبانية، وتقول: “المنتسبون في أحد الأبراج المسؤولة عن حماية المخيم كانوا يتعرضون لنا ويلقون الشتائم ويتحرشون باستمرار، وعند تقديمنا شكوى ضدهم، قامت إدارة المخيم بنقلهم فقط، وهذا في الواقع لم ينه المشكلة، لأن من أتى بعدهم مارس نفس الأسلوب، بينما تمتنع بقية النساء اللواتي تعرضن للتحرش من قبل جهات أخرى، مثل الأشخاص الذين يتولون السيطرة على المخيم أو الأفراد الأمنيين وحتى موظفي المخيم، من الإبلاغ كيلا تنقطع عنهن الخدمات، مثل الحصول على المواد الإغاثية أو خيم أفضل لتقيهم برد الشتاء وحر الصيف“. نازحات المخيمات العراقية ضحايا الاستغلال الجنسي والسياسي
فيما تخشى بعض النساء أن يتعرضن لتهمة أكبر، وهي تهمة الإرهاب والانتماء إلى داعش من قبل القوات الأمنية، كما يتخوفن من الفضيحة، لأن المخيم يمثل بالنسبة لهن مجتمعاً صغيراً، وأي حدث يكون عرضة للانتشار السريع بين أفراد المخيم، حسبما أشارت ليلى.
عرضة للاستغلال
حول آلية عمل المنظمات الدولية الخاصة بالهجرة والنزوح للحد من الانتهاكات بحق النساء في المخيمات، يقول عمر محمد، 28 عاماً، (اسم مستعار)، وهو عامل إغاثة في إحدى المنظمات “غالباً ما يتم استغلال بعض الأشخاص للنازحين في المخيمات، كما أن موظفي المنظمات المحلية هم الذين يحددون من يستحق المستلزمات الغذائية والصحية أو لا. وفي بعض الأحيان يستغل هؤلاء قواعد بيانات النازحين، التي يتم فيها إدراج جميع أفراد الأسرة بالأسماء، تواريخ الميلاد، الجنس، الحالة الاجتماعية، عنوان منزل العائلة، نوع السيارة، تاريخ النزوح وأي فرد من أفراد الأسرة انضم إلى داعش مع تفاصيل عن زمن وفاته، اختفائه أو اعتقاله، فيتم عن طريق هذه البيانات الابتزاز“.
ويضيف عمر، أن “استغلال النساء لا يتم عن طريق منح المستلزمات الغذائية وما شابه من قبل إدارة موظفي المخيم فقط، فالصورة النمطية لهؤلاء النسوة أنهن من عوائل منتمية لتنظيم داعش، وبهذا يسهل استغلالهن. سابقاً، بعض النساء اللواتي فقدن أزواجهن وأصبحن حوامل قبل وفاة أزواجهن أو ممن فقدن وثائقهن خلال فترات النزوح، عندما يردن إصدار وثائق مدنية لأطفالهن كن بحاجة لمراجعة الموظفين المختصين لإصدار هذه المستندات، وفي بعض الحالات يتم استغلال النساء من قبل الموظفين، خاصة إذا كانت العائلة مكونة من نساء فقط، وهذا السائد في المخيمات، حيث يتم استغلالهن من قبل موظفي الدوائر الحكومية أو القوات الأمنية.
كما يخشى بعض الرجال مراجعة الدوائر الرسمية خشية حدوث حالة اشتباه بأنه مطلوب أمنياً، بسبب كونه نازحاً من مناطق كانت بؤرة لخلايا تنظيم داعش، وسيكونون دائماً عرضة للاستغلال عند مراجعتهم لإصدار الهويات الرسمية. وبحسب قواعد البيانات المتوفرة لدى إدارة المخيم للنازحين، من الممكن أن يكون الموظفون متواطئين بالمشاركة في استغلال النساء“. نازحات المخيمات العراقية ضحايا الاستغلال الجنسي والسياسي
“من الممكن أن أواجه تهمة التواطؤ مع النساء”
بعد سنوات من الاقتتال الطائفي والتمييز العرقي، ما زالت بعض المدن ترفض عودة النازحين إلى مناطق سكناهم، منها ناحية “الحضر” في الموصل، والتي تسيطر عليها قوات الحشد الشعبي ولا يُسمح لهذه العوائل بالعودة إلى مناطقهم، أيضاً منطقة جرف الصخر، جنوب غرب بغداد، الواقعة تحت سيطرة ميليشيا كتائب حزب الله منذ عام 2014، والتي تمنع العوائل من العودة اليها منذ سنوات، ومناطق صلاح الدين وبيجي والقائم الواقعة تحت سيطرة مجاميع من الحشد الشعبي والعشائر.
هذا ما أكده أسامة الهيتي، 26 عاماً، (اسم مستعار)، وهو عضو اللجان القانونية في مركز النماء لحقوق الإنسان من محافظة صلاح الدين، وسط العراق.
يقول أسامة “ أن التغيير الديموغرافي للعديد من المناطق المحررة كان السبب الرئيسي لمنع عودة النازحين، واستيلاء المليشيات على ممتلكات العوائل من الأراضي الزراعية وبقية العقارات، ففي بعض المناطق فرضت الميليشيات الإتاوات على أصحاب الأراضي، وبيعت بثمن زهيد تحت التهديد، وتعد منطقة جرف الصخر بمثابة ثكنات عسكرية لكتائب حزب الله“. نازحات المخيمات العراقية ضحايا الاستغلال الجنسي والسياسي
“أشعر بالرعب”
أمل محمد، 17 عاماً، قدمت منذ 5 سنوات مع عائلتها من ناحية جرف الصخر، تبعد حوالي 60 كم جنوب غرب بغداد، إلى مخيم عامرية الفلوجة للنازحين الواقع في محافظة الأنبار.
بعد مقتل شقيقها المنتمي إلى تنظيم داعش، أثناء فرارها مع عائلتها، تقول: “في كل مرة يحضر رجال الأمن إلى المخيم للتفتيش أشعر بالرعب. بعضهم كان يحاول التحرش بي أثناء التدقيق الأمني، حيث أنهم يقومون باستجواب جميع سكان المخيم حول أفعال وأماكن وجود أقاربهم المشتبه في انتمائهم إلى داعش، كنت أمثل فريسة سهلة بالنسبة لهم، لأن لدي شقيق متورط مع تنظيم إرهابي. في إحدى المرات قمت بركل شرطي لأنه حاول مضايقتي. أعلم أنه من الممكن أن أواجه مع عائلتي تهمة الإرهاب لكن سأدافع عن نفسي“. نازحات المخيمات العراقية ضحايا الاستغلال الجنسي والسياسي
تتحدث أمل عن أحلام الفتيات ممن هن في سنها في هذا المخيم، لتصور لنا مقولة “لكل امرئ من اسمه نصيب“، كمراهقة تعيش شغف الأحلام لتحقيقها، وهو أن تصبح مُهندسة معمارية كما تأمل، ربما ستتمكن من العودة يوماً إلى مدينتها وتعيد بناء منزلها مع والدها وشقيقاتها الصغيرات، لكنها ترى استحالة ذلك في الوقت الحاضر، لأن الميليشيات التي تسيطر على ناحية جرف الصخر أمثال “كتائب حزب الله والنجباء وسيد الشهداء”، هي من الفصائل المرتبطة بشكل وثيق مع إيران، وتمنع عودة النازحين إلى هذه المدينة.
كورونا وازدياد مخاوف النساء
مع تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، أكثر ما يُثير مخاوف النساء في مخيمات النزوح هو القلق من عدم القدرة على الوصول إلى الدعم الطبي لهن ولأطفالهن، رؤية الطبيب النفسي أو التنقل كما اعتادوا من أجل الوصول إلى الضروريات، مثل الطعام والماء. نازحات المخيمات العراقية ضحايا الاستغلال الجنسي والسياسي
بان خليل، ناشطة نسوية قالت “أن القانون العراقي لم ينصف المرأة في أحلك الظروف، فضلاً عن احتوائه على ثغرات من شأنها السماح للمجرم أو المبتز أن يفر من جريمته، لذلك لا أعول عليه، ومن الشائع في مجتمعنا العراقي أن ثقافة الشكوى ضد المتحرش معدومة، بسبب الوصمة الاجتماعية السائدة “.
“لإقناعهن بالعمل في الدعارة”
في مخيم الجدعة في ناحية القيارة بمحافظة الموصل، التقيت مع سهى محمود 27 عاماً، (اسم مستعار)، والتي نزحت مع والدتها من مدينة الموصل عام 2016، بعد تعرض منزلها للهدم ومقتل 5 من أفراد عائلتها جراء المعارك ضد تنظيم داعش. نازحات المخيمات العراقية ضحايا الاستغلال الجنسي والسياسي
تتحدث سهى عن كيفية استغلال أحد المسؤولين عن حراسة المخيم حاجة عدد من النساء المادية، أو الحاجة للحصول على الغذاء والمستلزمات الصحية الأخرى، لإقناعهن بالعمل في الدعارة لعدد من الأشخاص من خارج المخيم، فكان هذا الشخص يعمل على عرض النساء لعدد من الرجال مقابل مبلغ مادي يحصل فيه على نسبة أعلى، ويعطي مبلغاً صغيراً جداً لتلك النساء.
كان هذا الشخص يُسهل خروجهن ليلاً إلى خارج المخيم لممارسة الدعارة، وبدأت هذه الشبكة من النساء بالتوسع لتشمل فتيات من مختلف الأعمار حتى القاصرات، وعند رفض إحداهن الانضمام إلى هذه الشبكة، يقوم بتهديدها إما بإبلاغ ذويها عمّا تفعل أو مضايقتها وعائلتها في المخيم وحرمانها من الحصول على الخدمات. ومن المتعارف عليه أن من تنخرط في هذه الأعمال الجنسية المشبوهة لا يمكنها الإفلات منها بسهولة، وهذا يشمل إما الترغيب بالمال أو التهديد. نازحات المخيمات العراقية ضحايا الاستغلال الجنسي والسياسي
تواصل سهى الحديث: “بعد حوالي عام ونصف من هذه الممارسات لم أعدْ احتمل الأذى الجسدي والنفسي. في كل مرة يجب علي الخروج من المخيم ومنح جسدي لرجل فقط لكي أبقى بأمان، أو للحصول على مبلغ مادي قليل… كان الأمر مروعاً. فكرت مراراً بالذهاب إلى إدارة المخيم للشكوى لكن تراجعت خوفاً من أن يكونوا متواطئين معه، لذلك تمكنت أخيراً من الحصول على رقم الطوارئ لإحدى المنظمات الإنسانية التي كانت تقوم بزيارات متكررة للمخيم، وأبلغت عن هذا الشخص، وبعد التحقيق تم طرده من المخيم ونُقلت جميع النساء ممن كن في مثل حالتي إلى مخيمات متفرقة، لضمان عدم إلحاق الأذى بهن من قبل بقية العاملين في المخيم، إضافة إلى الحفاظ على خصوصية وأمان النساء“. نازحات المخيمات العراقية ضحايا الاستغلال الجنسي والسياسي
انتهاكات جسدية ونفسية
أدى تفشي جائحة كورونا عام ٢٠٢٠ لتعليق وكالات الإغاثة وخفض الخدمات لسكان جميع المخيمات، خاصة وأن ومعظم العائلات لم تتمكن من العثور على عمل منذ انتقالها إلى مخيم النازحين.
يبدو أنَّ آخر ما تهتم به تلك النساء هو الصراع السياسي والطائفي الذي يمنع عودتهن، إذ إنَّ هؤلاء النساء اللاتي تعرَّضن للاغتصاب ولأشكال مختلفة من الابتزاز في المخيمات، وهن ضحايا فشل الحكومة والسلطات العسكرية التي ينحصر اهتمامها في الحفاظ على أجنداتها ومصالحها الشخصية.
“عمليات الاغتصاب والتجارة الجنسية جذورها اقتصادية”
سارة مؤيد، من مدينة تكريت، عاملة في مجال الدعم النفسي لإحدى المنظمات، تقول “إن أغلب عمليات الاغتصاب والتجارة الجنسية جذورها اقتصادية، ابتدأت منذ أول أيام النزوح وانتشرت بشكل سريع في المخيمات نتيجة الحاجة المادية. وتكونت شبكات الاتجار بالبشر، حتى أن بعض الخيم تم تحويلها إلى مناطق دعارة تحت حماية المسؤولين عن حمايتها، مقابل وعود مادية أو وعود بالهجرة للنساء، وأن شيوخ وكبار بعض العشائر في مناطق المخيمات، المسيطرون عليها، والقوات الأمنية بمختلف أصنافها، كانت تلعب دوراً أساسياً في هذه الممارسات“. نازحات المخيمات العراقية ضحايا الاستغلال الجنسي والسياسي
أكدت سارة عن تعرضها هي وعدد من عاملي الإغاثة وقسم من أفراد القوات الأمنية عند محاولاتهم منع هذه الانتهاكات أو الحد منها إلى التهديد، حيث تم تهديد بعضهم من قبل قوى مسيطرة بشكل أكبر على المخيمات، وهي الميليشيات التي تفرض سيطرتها على المناطق المحررة، مثل الحشد الشعبي وبعض المتنفذين من العشائر الذين يملكون النفوذ والمال في هذه المناطق.
تواصل مؤيد حديثها عن انتشار حالات تزويج القاصرات في بعض المخيمات، لكن الزواج الرسمي المتعارف عليه ويُدعى “الزواج المؤقت“، وهو نوع من الدعارة المُغطاة، ويتم انتقال الفتاة القاصر من رجل لآخر لفترة وجيزة مقابل مبلغ مادي لذوي الفتاة، أو عبر إخضاعها بالتهديد. نازحات المخيمات العراقية ضحايا الاستغلال الجنسي والسياسي نازحات المخيمات العراقية ضحايا الاستغلال الجنسي والسياسي
محمد أمير، 28 عاماً، (اسم مستعار)، هو مدير فريق إدارة المخيمات، يقول: “معظم النازحين من مدينة القائم عند عودتهم إلى مدينتهم واجهتهم العشائر هناك بالرفض، وتم تهديد عدد منهم عن طريق بلاغ تحذيري بوجوب ترك المدينة والرجوع للمخيم. حاولت المنظمات الدولية عقد ما يسمى هدنة مع العشائر بمساندة القوات الأمنية منذ عام 2019، لكنها بائت بالفشل لوجود عائلات فقدت أولادها على يد داعش، لذلك هذه العشائر ناقمة على جميع النازحين ممن يُشتبه بتورطهم بالتنظيم، وهذه الفجوة بين النازحين ممن يود العودة إلى مدينته يولد خطراً أكبر من خطر المجاميع الإرهابية في المستقبل، بسبب عدم تقبل جهة ما لهم ونبذهم، مما يسهل زيادة مستوى التطرف بين السكان“. نازحات المخيمات العراقية ضحايا الاستغلال الجنسي والسياسي
تم نشر هذا التقرير في موقع رصيف ٢٢
نازحات المخيمات العراقية ضحايا الاستغلال الجنسي والسياسي
“وصلت إلى مناصب صنع القرار” .. كيف ساهمت الحرب بتمكين النساء في اليمن