Share This Article
العراق
“كانت تشكو من تعنيف زوجها الذي يهددها بالقتل كلما امتنعت عن اعطائه الأموال“
هذا ما تحدثت به مروة علي ٣٨ عامًا معلمة من ميسان جنوب العراق عن رفيقتها التي تم قتلها من قبل زوجها.
“ لطالما كانت تشكو الضحية نسرين قاسم ٤٠ عامًا من التعنيف الجسدي الذي تتعرض له من قبل زوجها مدمن المخدرات. وكانت آثار الضرب تبدو واضحة على وجهها و جسدها في كل مرة تمتنع عن إعطائه الأموال لشراء الحبوب المخدرة مع تواطؤ عائلتها بالتعنيف بعدم السماح لها بالانفصال عنه“. المرأة العراقية ترث الممتلكات وسط تأثير المجتمع الأبوي
قالت مروة ” ذات يوم حاولت الاتصال بها للاطمئنان عليها إلا انني لم اتمكن من الوصول لها وبعد ثلاثة أيام من اختفائها أشيع خبر مقتلها في الحي بجريمة الشرف كما ادعى زوجها حيث ذهب بنفسه إلى مركز الشرطة وقال “ وجدتها مع احد الرجال في منزلي و قتلتها، لقد غسلت عاري بيدي“.
لم تكن الضحية على دراية بما يخطط زوجها بعد معرفته إنها تمكنت من الحصول على قرض مادي من الدولة، لذلك قام بقتلها للاستيلاء على أموالها وتم إطلاق سراحه بعد ثلاث اشهر فقط حيث أغلقت الشرطة التحقيق في الجريمة.
في العراق يمكن أن يقتل الرجل أي امرأة في عائلته مهما كان سنها ويدعي أنه قتلها غسلا للعار ثم يستولي على مقتنيات الضحية. و يتم القتل لدوافع عديدة من ضمنها الاستحواذ على الميراث.
يتعرض الجاني من خلال المادة 409 من قانون العقوبات العراقي للسجن ثلاث سنوات قابلة للتخفيف تحت بند المادة (128/ الفقره 1) والتي يمكن من خلالها تخفيف العقوبة أو إعفائه تحت بند ( بواعث الشرف)، وهذا البند يرجع تفسيره على الاغلب الى اجتهاد القضاة. كما تتيح المادة 409 للقاتل باستخدام عنصر المفاجأة والقتل. ولا يطلب من الجاني أي دليل ملموس فما عليه سوى أن يدعي قتل الضحية من أجل الشرف للإفلات من الحكم أمام القضاء.
في هذا الصدد قالت الناشطة في حقوق المرأة ايناس الربيعي ” إن المادة 409 من القانون العراقي هي مادة عشائرية تسمح بتخفيف عقوبة القتل العمد تحت ذريعة جرائم الشرف علما أنها تخالف الشرع الاسلامي والدستور العراقي الذي لا يجيز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام. وعلى الرغم من تحديد القانون العراقي برؤية الجاني المجني عليها في الفراش مع رجل لكننا نرى أن المحاكم تحكم حسب ادعاء الجاني وشهادة أهله أو أقاربه. وللقاضي سلطة تقديرية في تخفيف عقوبة الجاني إلى سنة أو 6 أشهر”.
“يتم قتل النساء اللاتي لا يخضعن للأحكام الأبوية فهناك نساء قُتلت نتيجة طلاقها وأخرى لتركها منزل العائلة أو لمواصلة التعليم و العمل. وفي حوادث أخرى تعرضت الكثير منهن للتعنيف الجسدي والقتل نتيجة رفضهن ارتداء الحجاب”.
تروي سناء حمزة (اسم مستعار) عن إحدى قريباتها البالغة اربعون عامًا التي تعيش مع أخيها بعد وفاة والدها. “كانت قد حصلت على مبلغ مالي و باعت حليها الذهبية لشراء قطعة أرض، إلا أن شقيقها طمع في أموالها فحاول أن يستولي على ما لديها. وأدى عدم موافقتها على التنازل عن أموالها له إلى تعنيفها. حيث قام في إحدى الليالي بضربها ضربا مبرحا فقتلها و اتفق مع العائلة على أنه سيقول إنه قتلها غسلا للعار. وبالفعل ادعى ذلك وأفلت من العقاب“.
تضيف سناء ان شقيقها عاد ليستولي على ما تركته شقيقته من أموال بعد مقتلها مع تواطؤ والدتها التي سكتت عن الحادث حتى لا يتم محاسبة ولدها.
على الرغم من قتل النساء بذريعة الشرف لكن دوافع هذه الجرائم لا تمت للجنس بصلة وليس لها علاقة “بعفة” المرأة حسب معايير الشرف الأخلاقية. حيث تقتل المرأة غالبًا في حال وجدت عائلتها صورها على وسائل التواصل الاجتماعي فما زالت الكثير منهن لا يسمح لهن باستخدام صورهن الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعية.
ما زالت جرائم قتل النساء في العراق تحت ذريعة الشرف، دون التحقيق في تلك الجرائم مع عدم توفر إحصائيات دقيقة عن هذه الجرائم حتى اليوم. و هنالك إحصائية تبين إن 68 % من الشباب العراقي يؤكدون أنهم سيقتلون أي أمرأة من عائلتهم يعتقدون أنها يمكن تسلك سلوك شائن يمكن أن تجلب من خلاله العار لهم بصورة أو بأخرى. المرأة العراقية ترث الممتلكات وسط تأثير المجتمع الأبوي
في حديثها مع صوت الشرق الاوسط ذكرت زهراء حسين ٣٣ عامًا عن قيام أب بقتل ابنته التي كانت تعمل مع أخواتها في صالون تجميل نسائي. كان الأب يستولي على أموال بناته وعند معرفته ان احداهن تخفي عنه مبلغا ماليًا قام بضربها ثم رميها من سطح المنزل. و أدعى أن وفاتها حصلت نتيجة حادث.
تلجأ بعض العوائل لتعنيف المرأة وحبسها في المنزل مع إقناعها بأنها عار على شرف العائلة، الأمر الذي يدفعها الى قتل نفسها لجعل الأمر يبدو كما لو أنها انتحرت كما تقوم المستشفيات بتسجيل حالة الوفاة انتحار أو حادث حتى وإن ظهر على جسد الضحية آثار العنف أو القتل العمد خوفا من انتقام العائلة .
وتورد المادة الـ41 من قانون العقوبات أنّه “لا جريمة إذا وقع فعل الضرب استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون”. ويعتبر القانون ذلك استعمالاً لحق تأديب الزوج لزوجته، وتأديب الآباء والمعلمين للأولاد القصر، في وقت تلجأ الشرطة عادة إلى فرض تعهدات على المسبب للضرر إن كان والداً أو والدة أو زوجاً، وتكتفي بإجراء “مصالحة” بين الطرفين في بعض الأحيان. وإن كان الطرف المسبّب هو الأب، تُلزم الأطفال بالعودة إلى المنزل. المرأة العراقية ترث الممتلكات وسط تأثير المجتمع الأبوي
لا يملك العراق قانوناً للعنف الأسري، إذ تعارض قوى في البرلمان تمريره منذ سنوات بحجة أنه تقليد لقوانين غربية، ويعتمد على مواد تشريعية تسمح للزوج والأب بـ”تأديب الأبناء أو الزوجة من خلال الضرب ما دام لم يتجاوز حدود الشرع
و بحسب بيان صادر عن وزارة الداخلية العراقية في سبتمبر/ أيلول الماضي، فإن الأشهر الماضية شهدت “معالجة 754 حالة تعنيف للنساء، و 233 حالة تعنيف مماثلة للرجال، و55 حالات تعنيف أطفال، بالإضافة إلى إعادة 62 فتاة هاربة، ورصد ومتابعة 22 طفلاً هارباً، فضلاً عن إنقاذ 22 من كبار السن وأربعة أطفال نتيجة التعنيف”.
ووفق إحصاءات ومعلومات منظمة “ئێمە”، المدافعة عن حقوق المرأة، خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري قتلت 22 امرأة، وانتحرت 31 امرأة، كما أحرقت 29 امرأة نفسها في إقليم كردستان العراق. المرأة العراقية ترث الممتلكات وسط تأثير المجتمع الأبوي
وفي عام 2021 قتلت 40 امرأة من قبل أحد أفراد عائلتها بحجة الدفاع عن الشرف، كما انتحرت 61 امرأة، بحسب منظمة المساعدة القانونية للنساء، ومركزها السليمانية.
ينوه المحامي محمد جمعة على: “في حال محاولة الضحية الدفاع عن نفسها عندما يقوم رجل من عائلتها بمحاولة قتلها تحت ذريعة غسل العار فاستطاعت أن تردعه وتدافع عن نفسها وتقتله. يُعد فعلها قتل عمد لأن المادة 409 لا تشملها بحق الدفاع الشرعي“.
تقول إسراء سلمان، ناشطة بحقوق المرأة “جرائم الشرف هي ذريعة للعديد من الجرائم التي تمارس ضد النساء. منها اغتصاب المحارم في حال عدم موافقة الضحية على تلك الجريمة يعرضها ذلك للقتل أو بسبب مشاكل الإرث، و محاولات العديد من الرجال إنهاء الزواج دون أي خسائر مادية. ونرى العديد من الرجال يقومون بالمتاجرة بنسائهم وعند رفضهن يقتلن تحت ذريعة الشرف“. المرأة العراقية ترث الممتلكات وسط تأثير المجتمع الأبوي
تواصل إسراء الحديث “أمن وحياة النساء مهددة بسبب مواد تعتبر في الأصل مخالفة للدستور العراقي والمعاهدات والمواثيق الدولية والإقرار العالمي لحقوق الإنسان… نجد أن مواد قانون العقوبات تخالف بشدة مواد الدستور العراقي (13 و14) كما أن نصوص المواد تخالف المعاهدات التي التزم بها العراق مثل سيداو و.ICCPR في السادس من آذار عام 2022 قمنا بتقديم الطعن في المحكمة الاتحادية حول المواد 409 و 128 من قانون العقوبات العراقي 111 لسنة 1969 إلا أنه تم رفض الطعن من قبل المحكمة“.
” يجب أن نكف عن استخدام مصطلح جرائم الشرف، يمكننا استخدام (قتل النساء، جرائم الكراهية العائلية) لأن أي امرأة أو شخص لا يتوافق مع المعايير المتوقعة يمكن أن يعاقب باسم الشرف”
أختم بما قالته الروائية النسوية التركية أليف شفاك : “إننا يجب علينا كنشطاء و مدافعين أن نكف عن استخدام مصطلح جرائم الشرف، يمكننا استخدام (قتل النساء ، جرائم الكراهية العائلية) لأن أي امرأة أو شخص لا يتوافق مع المعايير المتوقعة يمكن أن يعاقب باسم الشرف وإذا واصلنا استخدام المصطلح بهذه الطريقة فإنه يعطي خطاب الشرعية لمرتكبي العنف والإجرام فهم دوما يقولون في المحاكم: أنا فعلت ذلك من أجل شرفنا.علينا أخذ تلك القوة الخطابية بعيدا عنهم لأنه لا يمكن أن يكون هنالك إي شرف في إي نوع من القتل أو الكراهية أو التمييز“. المرأة العراقية ترث الممتلكات وسط تأثير المجتمع الأبوي
تأثير التغير المناخي على مشاركة النساء في الأعمال الرعائية اليومية