Share This Article
العراق
في نسيج التنوع البشري، يجد مجتمع الميم عين نفسه متورطًا في شبكة معقدة من المواقف المجتمعية والأعراف الثقافية والمناظر السياسية التي غالبًا ما تولد العداء والتمييز. لا يواجه مجتمع المثليين في العراق تحديات قبول الذات والهوية فحسب، بل يواجه أيضًا مقاومة مجتمعية متأصلة يغذيها مزيج من المذاهب الدينية ووجهات النظر التاريخية والسياسية. مجتمع LGBT العراقي
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها العالمي لعام ٢٠٢٣ حول الوضع في العراق “في هذا العام، زادت حدة العداء تجاه المثليين/ات ومزدوجي/ات التوجه الجنسي وعابري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم-عين) في العراق بشكل ملحوظ.” فما هي الأسباب التي أدت إلى تصاعد هذا العداء في العراق، وهو البلد الذي يُعد من بين أخطر الدول في هذا السياق، حيث المثلية جريمة يعاقب عليها بالإعدام وفقًا لتقارير منظمة العفو الدولية. مجتمع LGBT العراقي
بدأت حملات الكراهية ضد مجتمع الميم-عين في العراق في عام ٢٠٢٣ عبر تأسيس لجنة مكافحة المحتوى الهابط
على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل وزارة الداخلية العراقية في يناير. قامت هذه اللجنة بتشغيل موقع إلكتروني لاستلام البلاغات حول المواقع التي اتُهمت بترويج محتوى هابط، ووصلت البلاغات إلى أكثر من ٥٠ ألف بلاغ في غضون ثلاثة أسابيع فقط. كما و أصدر مجلس القضاء الأعلى توجيهات للمحاكم والادعاء العام وهيئة الاشراف القضائي اشار فيها “استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لنشر محتويات تسيء للذوق العام وتشكل ممارسات غير أخلاقية“. مصنفًا الحديث عن المثلية أو الترويج له أو حتى نشر محتوى عنه على أنه محتوى هابط. مجتمع LGBT العراقي
نتج عن هذه التوجيهات اعتقال عدد من الأفراد بتهمة نشرهم محتوى يتعلق بالمثلية على منصات التواصل الاجتماعي، وفقًا للناطق الرسمي لوزارة الداخلية. تظل هذه الحملة جارية حتى اللحظة الحالية مما يزيد من حالة التوتر والعداء تجاه مجتمع الميم-عين في العراق. مجتمع LGBT العراقي
في إقليم كردستان العراق، خلال الشهر الخامس، أصدرت إحدى المحاكم قرارًا بإغلاق منظمة “راسان” الحقوقية بناءً على نشاطها في دعم المثلية الجنسية. وفي أعقاب هذا القرار، قام أعضاء في برلمان إقليم كردستان بتقديم مشروع قانون يهدف إلى معاقبة أي فرد أو جماعة تدافع عن حقوق مجتمع الميم-عين مجتمع LGBT العراقي
حرق أعلام المثليين
في الشهر السادس من عام٢٠٢٣ دعا رجل الدين والسياسة مقتدى الصدر أنصاره في العراق الى الخروج وحرق أعلام المثليين في مختلف مناطق البلاد، كرد فعل على حرق القرآن في السويد. وقد دعا أيضًا إلى استمرار هذه الحملة حتى اليوم الثامن من شهر محرم. ونتيجة لهذه الدعوة، شهدت مدن وقرى العراق حملة واسعة من الكراهية، حيث قام المتظاهرون بحرق أعلام المثليين ونشر خطب كراهية ضدهم. تزامنًا مع هذه الحملة، تلقى المثليون العديد من التهديدات، بما في ذلك التهديد بفرض “البلوكة”، وهي هيكل خرساني كانت تستخدمه مليشيات جيش المهدي، التابعة لمقتدى الصدر، لاستهداف المثليين والتي كانوا يطلقون عليها آنذاك بمجزرة الايمو، وكان الغرض منها هو إرسال رسالة تخويف وتهديد الى أفراد مجتمع الميم عين. مجتمع LGBT العراقي
برلمان الكراهية
في الشهر السابع قدم النائب سعدون سعود الساعدي عضو حركة حقوق (الجناح السياسي لمليشيا حزب الله في العراق) مقترحاً تعديل قانون العقوبات وتجريم المثلية بشكل صريح وواضح في القوانين العراقية. يأتي هذا التعديل نظرًا لعدم وجود قانون مباشر يجرم المثلية في العراق، حيث يتم استخدام عدة قوانين غامضة مثل قيم الأسرة والآداب العامة لمحاربة المثليين. على الرغم من عدم رؤية النور لهذا المقترح، إلا أنه ساهم بشكل غير مباشر في دفع البرلمان نحو التحرك لتجريم المثلية في العراق. مجتمع LGBT العراقي
بعد فترة قصيرة من الوقت، أقدم عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، النائب رائد حمدان المالكي، على اقتراح تعديل قانون البغاء ليشمل المثلية و العبور.
ويعتبر هذا الاقتراح واحدًا من أشد العقوبات ضد أفراد مجتمع الميم عين. ويتضمن المقترح عقوبات صارمة، مثل الإعدام للمثليين، والسجن لمدة تصل إلى سبع سنوات لأي شخص يدعمهم أو يساهم في نشر معلومات عنهم، حتى إن كانوا خارج نطاق مجتمع الميم عين. مجتمع LGBT العراقي
حظر استخدام مصطلحي جندر و مثلية
في الشهر الثامن من نفس العام، أصدرت هيئة الإعلام والاتصالات في العراق توجيه يطلب فيه من جميع وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي العاملة في البلاد تجنب استخدام مصطلح “المثلية الجنسية”، وبدلاً من ذلك استخدام مصطلح “الشذوذ الجنسي”. وأوضحت الهيئة أن هدفها من هذا القرار هو حماية المجتمع والحفاظ على القيم الأصيلة، من خلال التصدي لاستخدام المصطلحات الغريبة التي اكتسبت معنى يتعارض مع النظام العام والآداب العامة.
وأضافت الهيئة أنها قررت منع استخدام مفردة النوع الاجتماعي والجندر والمثلية في كافة المخاطبات الخاصة بالهيئة لما لهذه المصطلحات من مدلولات سلبية في المجتمع العراقي. مجتمع LGBT العراقي
وذكر البيان أنه تقرر منع جميع الشركات الحاصلة على ترخيص من الهيئة لخدمات الهاتف المحمول والإنترنت وغيرها من الترويج لهذه المفردات من خلال استخدامها في تطبيقاتها وبرامجها. مجتمع LGBT العراقي
بعد تنفيذ حملات وتصاعد الضغط من قبل الجماهير، أنهى البرلمان العراقي القراءة الأولى لمقترح النائب رائد المالكي، الذي يقضي بعقاب المثلية بالإعدام، في جلسة تمت في يوم الثلاثاء الموافق ١٥ أغسطس ٢٠٢٣. يُعد هذا المقترح أحد أشد القوانين في مجتمع الميم عين على مستوى العالم. وفي الأيام التالية، خرج المرجع الشيعي محمد تقي المدرسي، محرضًا على المثليين ووصف المثلية بأنها “لعنة شيطانية ومؤامرة خبيثة”، مما زاد من مستوى الكراهية ضد أفراد مجتمع الميم عين، وقدم الدعم والتأييد للبرلمان لمتابعة تشريع القانون وإكماله. مجتمع LGBT العراقي
في النفس الشهر وبحضور عدد كبير من الشخصيات السياسية العراقية، وسفراء عدة دول حول العالم تحت راية الأمم المتحدة، ألقى الزعيم الديني والسياسي عمار الحكيم خطابًا في مؤتمر نُظم بمناسبة اليوم الإسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة. أكد الحكيم على أهمية دعوة الجهات التشريعية والتنفيذية والقضائية للتعاون الجاد في محاربة التطرفات والأجندات التي تستهدف الطبيعة والفطرة البشرية، وتهدف إلى زعزعة أسس الحياة الزوجية الشرعية بين الرجل والمرأة. دعا أيضًا إلى مواجهة التسويق الأجنبي والترويج لمفاهيم الشذوذ الجنسي في بلاده، وعدم الاستسلام لأي ضغوط قد توجه في هذا الاتجاه. يُلاحظ أن هذا الخطاب جاء في سياق غير مسبوق للعراق، حيث كان يتحدث أمام الأمم المتحدة وبحضور سفراء عديدة، وذلك في سابقة تاريخية تخص خطب مكافحة الكراهية في البلاد. مجتمع LGBT العراقي
خلال ذلك الوقت، أصدرت نقابة الأطباء العراقية وثيقة توجهت من خلالها إلى جميع فروعها وأطبائها بحظر استخدام مصطلحي “جندر” و”نوع اجتماعي”. أشارت النقابة في الوثيقة إلى أن استخدام هذين المصطلحين المحظورين يتعارض مع القيم الإنسانية والأخلاقيات. مجتمع LGBT العراقي
في السياق نفسه، وجاء نتيجة لتصاعد خطابات الكراهية، نُشر خطاب على الموقع الرسمي لمليشيا النجباء المسلحة، يتحدث عن مجتمع الميم عين ووجودهم وسبب انتشارهم. في نص الخطاب وردت عبارة: “الدعوة إلى مواجهة هذه الآفة طيبة ومحمودة وإيجابية، وسيؤجر أهلها على قدر نياتهم“. مجتمع LGBT العراقي
وسط هذا الإطار، ظهرت حملة من صناع المحتوى العراقيين تهدف إلى مكافحة المثلية ووجودها الإلكتروني في العراق. و قاموا بحملة من الابلاغات بهدف إغلاق هذه المنصات، مما أدى في أعقابها إلى قيام العديد من هذه المنصات بتعطيل مؤقت لحساباتهم. مجتمع LGBT العراقي
مقتل نور بي ام
في التاسع من الشهر التاسع، أصدر المرجع الشيعي اليعقوبي فتوى تحريم دراسة وتدريس مواضيع الجندر في العراق. وفي الوقت نفسه، تم اغتيال نور بي ام، الشخصية العراقية ذات الهوية الجنسية غير التقليدية، حيث تم اغتياله بمسدس كاتم في بغداد. لاحقًا، تفاعلت الجماهير العراقية مع هذا الحادث، وشهدت تصاعدًا في خطابات الكراهية من قبل أنصار القاتل. مجتمع LGBT العراقي
في بداية الشهر العاشر، قامت العتبة العلوية، التي تتبع المرجع الشيعي السيستاني، بحملة إعلانية استهدفت الأطفال، تحثهم على تمزيق صفحات كتاب مادة اللغة الإنجليزية للصف الخامس. وكان سبب ذلك وجود صورة لفتى يظهر بشعر ملون بألوان قوس قزح في إحدى صفحات الكتاب، رغم أن هذه النسخة من الصورة كانت متاحة في الكتاب لسنوات.
الاستهداف المستمر طوال العام
وحسب هيومن رايتس ووتش فان خلال طوال العام تعرض مجتمع الميم في العراق للاستهداف العنيف المنهجي بسبب توجهاتهم الجنسية. يشمل هذا العنف القتل والاختطاف والتعذيب والعنف الجنسي.
وبهذا ينهي أفراد مجتمع الميم في العراق إحدى أسوأ السنوات التي مرت عليهم في الفترة الأخيرة. يتوقع بشكل كبير أن يكون عام ٢٠٢٤ أكثر سوءًا من العام السابق، حيث أعادت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، في شهره الأول، القانون الذي يعاقب المثلية بالإعدام إلى الواجهة. وأعلن النائب رائد المالكي أنه يسعى جاهدًا لتشريع هذا القانون وإقراره خلال هذا الفصل التشريعي، رغم كل التحديات التي قد تعترض ذلك. مجتمع LGBT العراقي