Share This Article
العراق
تتميز فترة الدراسة الجامعية في العراق بتحديات متعددة تواجه أفراد مجتمع الميم عين، حيث يسعون جاهدين للحفاظ على هويتهم وخصوصيتهم دون الكشف عن ميولهم الجنسية أو الهوية الجندرية. على الرغم من محاولاتهم في ذلك، يواجهون تمييزًا قد يصل إلى حد الفصل، حيث تعد الجامعات في العراق من اعتبار انتماء الفرد لمجتمع الميم عين بمثابة عائق، نظراً لاختلاف تعبيرهم عن الذات عما هو مألوف من القوالب الجندرية المعيارية. المثليين في الجامعات العراقية
يشير تقرير اللجنة النيابية في البرلمان العراقي إلى تدهور الوضع التعليمي في البلاد، مما يعكسه عدم تصنيف أي جامعة عراقية ضمن أفضل ٤٠ جامعة في المنطقة العربية وفقًا لتصنيف كيو اس العالمي للجامعات لعام ٢٠٢٤.
الحرم الجامعي والأمنية
تتميز معظم الجامعات العراقية بوجود فرق تابعة للأمن، تُعرف عادة بـ”الأمنية”، والتي تتعامل مع الحرم الجامعي بشكل يشبه التشديد العسكري. فعند رؤية أي شخصين يتجولان معًا في الحرم، يُطلب منهم تقديم الوثائق الشخصية والمعلومات، ويُجرون معهم تحقيقًا دقيقًا. يُعتبر وجود هذه الفرق وانتشارها في الجامعات العراقية مظهرًا من مظاهر التشدد العسكري في المجتمع، حيث يُسعى إلى تحويل المساحات الجامعية إلى أماكن محكمة الانضباط و أشبه بالثكنة العسكرية. المثليين في الجامعات العراقية
يقول حسين: ” صديقي ايوب كان يتعرض للإزعاج المستمر من قبل أمن الجامعة الذي يتجاوز أحيانًا محاولات سحبه والسخرية منه، فقط لأنه يتمتع بنبرة صوت هادئة. بالإضافة إلى ذلك لم يكن لدى ايوب أي أصدقاء آخرون وكان عرضة للتنمر من قبل الجميع“. المثليين في الجامعات العراقية
بينما تحدث إياد عن حادثة تعرض لها قبل سنة في إحدى الجامعات: ” كنت أمزح مع صديقي وقام بتقبيلي، على الرغم من أن القبلة كانت واضحة أنها للمزاح ولم يكن هناك علاقة عاطفية بيننا الا أن أمن الجامعة اقتحم الموقف و عرضونا للتحقيق في مقر عمادة الجامعة، مع التهديد بالإفصاح لـ عوائلنا بأننا مثليين. توسلنا لهم بعدم نشر الموضوع لأننا خشينا على حياتنا، لكنهم قرروا فصلنا من الجامعة ولم نتمكن ولكن بفضل تدخل العديد من الأشخاص ووساطتهم، حيث أن ما حدث لا يبرر الفصل النهائي، تم تقديم عقوبة الفصل لنا لمدة عام دراسي كامل“. المثليين في الجامعات العراقية
كنت أمزح مع صديقي وقام بتقبيلي، على الرغم من أن القبلة كانت واضحة أنها للمزاح ولم يكن هناك علاقة عاطفية بيننا الا أن أمن الجامعة اقتحم الموقف و عرضونا للتحقيق
الكادر التدريسي
تعتبر كراهية أفراد مجتمع الميم عين هيكلية في النظام التعليمي العراقي. و يرى العديد من الأكاديميين أنه من واجبهم نقل هذا الاستياء والكراهية إلى الطلاب، الذين من الممكن أن ينقلوا هذه المشاعر إلى الآخرين بدورهم. ومن المهم أن نلاحظ أن الكراهية التي يعبر عنها الأساتذة الجامعيون تختلف عن تلك التي يعبر عنها الأفراد العاديون، إذ يستغل الأستاذ المكانة الأكاديمية لنشر أفكاره وآرائه بطريقة تحرض على الكراهية، وقد ينتشر هذا السلوك عبر نقل معلومات خاطئة وتقديمها كحقائق لا يمكن إنكارها، أو حتى من خلال التشهير بأفراد مجتمع الميم عين ضمن المجتمع. المثليين في الجامعات العراقية
يقول عمر طالب يدرس الطب البيطري، ويشير إلى أن جزءًا من منهجهم الدراسي يتناول جوانب جنسانية الحيوانات، بما في ذلك العلاقات المثلية أو الغير تقليدية كجزء طبيعي من المادة. ومع ذلك، يشكو عمر من أن الأساتذة يطلقون تسميات مثل الشاذة عندما يشرحون هذا الموضوع، حتى يصفون حيوانًا بأنه شاذ، على الرغم من أن المادة العلمية تعتبر هذا السلوك حالة طبيعية بين الحيوانات. يضيف عمر أنهم يرفضون هذه الفكرة حتى في سياق الحيوانات وعند حديثهم عن الموضوع يبدأون بالتحدث عن مجتمع الميم عين والمؤامرة الغربية. المثليين في الجامعات العراقية
ومن جانبه، يتحدث طالب آخر يدعى علي، عن تجربته حيث تمت دعوته مع زملاؤه لحضور محاضرة قدمها أكاديمي عراقي قادم من أمريكا. ويشير علي إلى أن الاستاد الجديد كان محط احترام وتقدير الأساتذة الآخرين، حتى تم تنظيم حفل لاستقباله. ومع ذلك، عند حضوره للمحاضرة التي كان من المفترض أن تتناول موضوع الثقافة، اكتشف أنها كانت تتحدث عن المثلية الجنسية بطريقة مسيئة، لدرجة أنه لا يستطيع ذكر التفاصيل ويعتبر هذه التجربة مثالًا بسيطًا على مدى انتشار الكراهية. المثليين في الجامعات العراقية
نتيجة للنظام التعليمي والتربوي والديني في العراق، يحمل العديد من الشباب معلومات مغلوطة تجاه أفراد مجتمع الميم عين و هذه الكراهية تسهم في ظهور حملات التنمر والتجاهل تجاه الأشخاص ذوي المظهر والسلوكيات غير المألوفة، حتى لو لم يكونوا جزءًا من مجتمع الميم عين.
غدير، فتاة في سن المراهقة، تشير إلى أنها تواجه تحديات شبه يومية بسبب مظهرها وملابسها وسلوكها من قبل الطلاب. تجربة غدير تشمل تلقي تهديدات بالقتل بعد مناقشتها لموضوع يتعلق بمجتمع الميم عين مع زملائها. هذا الأمر دفعها للاعتزال عن مجموعتها السابقة والتواصل مع مجموعة صغيرة من الطلاب خوفًا على سلامتها.
عمر، شاب مثلي، يشير إلى أنه واجه استنكارًا من قبل زملائه بعد أن ناقش بحثًا عن المثلية الجنسية يتضمن معلومات مضللة و خطابات كراهية. عندما حاول عمر مناقشة الموضوع بأسلوب علمي، تلقى تهديدات واستنكارًا، حتى على الرغم من عدم افتراض زملائه بأنه جزء من مجتمع الميم عين. المثليين في الجامعات العراقية
هذه التجارب تبرز الضغوط الاجتماعية التي يواجهها الأفراد في المجتمع بسبب الاختلافات في المظهر والمعتقدات، وتظهر ضرورة تغيير العقليات المتعارضة وتعزيز الفهم والاحترام المتبادل بين الأفراد المختلفين. المثليين في الجامعات العراقية
الملابس والمظهر الخارجي
يُعبر العديد من الأشخاص عن هويتهم و شخصيتهم من خلال اختياراتهم في الملابس ومظهرهم الخارجي. حيث يتبنى الكثيرون أساليب مختلفة ويتميزون بأزياء مميزة، ولكن هذا الأمر قد يؤدي إلى تعرضهم للعداء والتحيز من زملائهم في الجامعة والأساتذة وأفراد الأمن. المثليين في الجامعات العراقية
في هذا السياق، يشير رعد طالب جامعي إلى أنه يحب ارتداء الملابس الواسعة والمختلفة، ولكنه يتعرض للتعليقات السلبية بسبب ذلك. على سبيل المثال، يتلقى تعليقات مثل “هذه ملابس مخصصة للفتيات“، و”حتى أختي لا ترتدي ملابس مثل هذه الملابس“، و”لماذا تبدو انثويًا؟” وحتى وصل الأمر في إحدى المرات إلى أن قام أحد الطلاب بسؤاله بشكل جارح بما يقول “كم تأخذ ؟”، مما يعني اتهامه بالعمل في مجال الدعارة. المثليين في الجامعات العراقية
هذه ملابس مخصصة للفتيات، حتى أختي لا ترتدي ملابس مثل هذه الملابس، و”لماذا تبدو انثويًا
ويُكمل رعد بالقول إن هذه التعليقات لم تكن مقتصرة على الطلاب فقط، بل كانت تأتي أيضًا من بعض الأساتذة الذين استخدموا نفس العبارات، بالإضافة إلى ان بعضهم كانوا يلمحون إلى مواضيع جنسية معه بشكل علني أمام الطلاب.
فيما يروي طالب آخر يدعى أحمد: “في إحدى المرات كنت أرتدي قميصاً يحتوي على حروف ملونة عادية، مما أغضب الأستاذ الذي جاء وقال: ‘هل من المعقول أنك لا تعرف أن هذه الألوان تدل على المثلية؟ إن لبس مثل هذه الملابس ممنوع هنا.’ المثليين في الجامعات العراقية
الظهور
عبر مجموعة واتس اب مخصصة لطلاب احدى الاقسام تم إصدار تعليمات الالتزام بالزي الجامعي، وكان الزي الجامعي هو البنطلون والتنورة، فعلق أحد الطلاب يدعى عماد، مازحاً حول الموضوع قائلًا “انهم لم يحددوا التنورة لمن، دعونا نلبس التنورة التزاماً بـ الزي الرسمي” وعلى الرغم أن التعليق واضح بأنه مزحة. بعدها تفاجئ عماد بطلب استدعاء من عميد الجامعة بتهمة الترويج للمثلية. المثليين في الجامعات العراقية
تحتمل الجامعات في العراق فرض قيود صارمة على أفراد مجتمع الميم عين، حيث يُمنع ظهورهم كأفراد معرَّفين في أو خارج أسوار الحرم الجامعي. و لا يكفي الامتثال للقوانين داخل الحرم الجامعي، بل يجب أيضًا احترام هذه القيود في جميع الأماكن، حتى على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يُحظر نشر الصور أو المناقشة فيما يتعلق بمجتمع الميم عين.
تحذِّر الجامعات العراقية من أنه في حال اكتشافها لأي مخالفات، ستتخذ إجراءات قانونية صارمة بما في ذلك الفصل النهائي او ترقين القيد للطلاب، وهو ما تعرَّض له الطالب يوسف، الذي تم استجوابه بشدة وتهديده بالطرد بسبب نشره لمحتوى يتعلق بمجتمع الميم عين. المثليين في الجامعات العراقية
بشكل يبدو أنه يتعدى الحدود، فإن الجامعات تسعى إلى فرض قيود حتى خارج أسوارها، مما يعني أن حرية التعبير والتفاعل تصبح محدودة لأعضاء مجتمع الميم عين حتى في الأماكن غير الجامعية. وبالإضافة إلى ذلك، حتى وإن كان الفرد ليس جزءًا من مجتمع الميم عين، فإن اتهامه بالتعبير عن الدعم لهذا المجتمع قد يؤدي إلى نهاية مساره الدراسي.
Breaking the silence: Untold Stories of LGBTQ+ in Iraqi Universities