Share This Article
العراق
شهد العراق في السنوات الأخيرة طفرة ملحوظة في التنمية الحضرية مدفوعة بالنمو السكاني والتوسع الاقتصادي والهجرة بسبب التغير المناخي من الريف إلى المدن الحضرية. و مع استمرار مسيرة التحضر في تحويل المشهد العام للحضارة في جميع أنحاء العالم، باتت عواقب البناء الحضري السريع ملحوظة بشكل متزايد في العراق. و أصبحت بغداد هياكل خرسانية خانقة حيث لم يعد وجود لأي مساحات خضراء حتى حدائق المنازل اختفت الى غرف أو محلات تجارية داخل كل منزل. أثر البناء الحضري على المساحات الخضراء في العراق
إن الزحف العمراني الذي يتصارع مع التحدي السائد المتمثل في المساحات الخضراء المتضائلة تجاور الهياكل الخرسانية مع ندرة المساحات الخضراء الطبيعية يثير مخاوف بالغة بشأن ديمومة البيئة وسكانها. أثر البناء الحضري على المساحات الخضراء في العراق
يواجه العراق مفارقة التقدم الحديث الذي يتعارض مع الحاجة إلى الحفاظ على البيئة. حيث تتصارع المدن مع متطلبات التقدم والحفاظ على الطبيعة. و تمتد تداعيات تناقص المساحات الخضراء في العراق إلى ما هو أبعد من الخسارة السطحية للأراضي المفتوحة إلا أنها تمس جوهر الاستدامة البيئية، والصحة العامة. أثر البناء الحضري على المساحات الخضراء في العراق
غيرت الوتيرة المتسارعة للبناء جوهر الحياة المجتمعية حيث كانت الحدائق والأراضي الزراعية في السابق توفر راحة من صخب المدن، وكانت بمثابة مساحات مشتركة للترفيه والتواصل الاجتماعي ومع تجريف الأشجار والنخيل لتحل محلها المباني مما جعل المواطنين يتوقون إلى العزاء النفسي والرفاهية التي توفرها المساحات الخضراء سابقًا.
علاوة على ذلك، فإن التداعيات البيئية لتقليص المساحات الخضراء كتلوث الهواء المتفاقم، والنظم البيئية المعطلة، من بين التحديات البيئية التي تصاحب التوسع الحضري المتفشي. إن التوازن الدقيق الذي كان قائما في السابق بين مدن العراق ومحيطها الطبيعي أصبح الآن في خطر، مما يشكل تهديدات طويلة المدى للتنوع البيولوجي، والقدرة على التكيف مع المناخ، والصحة البيئية بشكل عام. أثر البناء الحضري على المساحات الخضراء في العراق
يجد العديد من سكان المدن في بغداد أنفسهم مضطرين إلى استئجار أراضي زراعية على أطراف المدن بمبالغ باهظة نسبيًا، للاستمتاع بالهواء النقي والبعد عن تلوث المدن، في محاولة للتمتع بقليل من الراحة في فصل الصيف. و هذا يترك العديد من السكان، خاصة الذين يعانون من ضائقة مالية، بدون وصول إلى تجارب طبيعية تعزز الصحة النفسية والجودة الحياتية.
نسبة التصحر في الأراضي العراقية ارتفعت إلى ٣٩% من مجمل أراضيه، بينما ٥٤% من باقي الأراضي هي مهددة بالتصحر
أشار تقرير مركز بحثي أن نسبة التصحر في الأراضي العراقية ارتفعت إلى ٣٩% من مجمل أراضيه، بينما ٥٤% من باقي الأراضي هي مهددة بالتصحر. ووفقًا لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” التابعة للأمم المتحدة، فقد باتت مساحات الغابات في العراق لا تشكل سوى ٨٢٥٠ كيلومترًا مربعًا، أي ما نسبته ٢% من إجمالي مساحة البلاد. أثر البناء الحضري على المساحات الخضراء في العراق
وفي المدن العراقية تعاني المساحات الخضراء الحضرية حاليا من إهمال السياسات التخطيطية فضلا عن عشوائية استخدامات الأراضي الأخرى بسبب قلة المعرفة بأهميتها البيئية وضعف القوانين والتشريعات التي ينبغي أن تحمي المساحات الخضراء مما أدى إلى تدهور وانكماش المساحات الخضراء ضمن النسيج العمراني. أثر البناء الحضري على المساحات الخضراء في العراق
غياب قوانين التخطيط
على الصعيد العالمي، تشكل قوانين البناء وتقسيم المناطق التخطيط الحضري للمدن. وأدى غياب هذه القوانين في العراق وتنفيذها إلى تغيرات عشوائية في استخدامات الأراضي، مما أدى بدوره إلى ظهور العشوائيات في مختلف أنحاء البلاد اضافة الى سيادة القوانين العشائرية التي تمنح صلاحيات لبعض القبائل التي تهاجر لأسباب اقتصادية من بناء عشوائيات تتجاوز المساحات الخضراء. أثر البناء الحضري على المساحات الخضراء في العراق
يعد التعدي على استخدامات الأراضي وتغيير نوع استخدامات الأراضي لغرض آخر غير أصلها من أكثر التجاوزات شيوعاً حيث يشكل ٤٠% من إجمالي المخالفات. تم إنشاء العديد من المجمعات والمناطق السكنية دون الحصول على تراخيص البناء لعدم اعتراف البلديات بها. وفي مناطق مثل بساتين الدورة جنوب بغداد وغيرها الكثير، تحولت الأراضي الزراعية إلى سكنية دون تغيير نوعها قانونياً. أثر البناء الحضري على المساحات الخضراء في العراق
ومن المخالفات المنتشرة الأخرى وعدم الالتزام بقواعد البناء، تقسيم قطعة الأرض السكنية أو المنزل إلى قطع بمساحات صغيرة جداً تقل عن ١٠٠ متر مربع، وفي بعض الأحيان أصغر من ٥٠ متراً مربعاً، ومن ثم بيعها و البناء عليها. وكذلك بناء ثلاثة طوابق مع درج خارجي بقصد تأجير أو بيع العقار أو استخدامه لسكن أحد أفراد الأسرة. وتمثل هذه الحالات حوالي ٣٠٪ من جميع الانتهاكات. أثر البناء الحضري على المساحات الخضراء في العراق
وفي بعض المناطق يشترط التخطيط البلدي ووزارة التخطيط مساحة خضراء أمام المنازل. وعلى الرغم من أن هذه المنطقة ملحقة بالمنزل ويمكن استخدامها كحديقة خارجية، إلا أنها ملك للدولة وليست جزءًا من الأراضي المملوكة للقطاع الخاص إلا أنه يتم حاليًا تجاوز هذه المساحة الخضراء والبناء عليها.
في غياب الإجراءات الفعّالة للحد من هذا الانتعاش العمراني الفوضوي، يُسجِّل العديد من المخالفات والتجاوزات على حساب المساحات الخضراء، حيث يستفيد البعض من غياب الرقابة ويُنشئ المباني دون الحصول على تراخيص رسمية، مما يعيق التنمية المستدامة ويؤدي إلى تدهور المحيط الحضري. أثر البناء الحضري على المساحات الخضراء في العراق
بلغت نسبة التصحر ٧٠ % من أراضي البلاد بسبب نقص الإمدادات المائية القادمة من إيران وتركيا
الجزر الحرارية الحضرية
وفيما يتعلق بتزايد درجات الحرارة صيفًا في كل عام خاصة في المناطق الخالية من الغطاء النباتي تشير الدراسات إلى أن المناطق المظللة أكثر برودة بخمس درجات من المناطق التي لا يوجد بها غطاء نباتي. وبدون الأشجار والنباتات، تمتص الأسطح الخرسانية والمعدنية الحرارة ثم تشعها مرة أخرى، مما يخلق ما يعرف الجزر الحرارية الحضرية.
المناطق المظللة أكثر برودة بخمس درجات من المناطق التي لا يوجد بها غطاء نباتي
وأوضحت نتائج هذه الدراسات الى أن أعلى مسافة شدة تأثير التبريد كانت في الحدائق الحضرية الكبيرة التي تبلغ مساحتها أكثر من١٠ هكتار، ومع ذلك فإن العناصر والصفات الطبيعية للمساحات الخضراء الحضرية، فضلاً عن الخصائص المناخية، تؤثر بشكل كبير على تأثير تبريد المساحات الخضراء الحضرية.وفي بعض المدن جنوب العراق، وصلت درجات الحرارة في الصيف إلى ١٢٥ درجة فهرنهايت، حيث شكلت الحرارة المرتفعة مع زيادة تلوث الهواء الناجم عن حرق المنتجات النفطية لمولدات الكهرباء والعواصف الترابية مخاطر الإصابة بالسرطان وضربات الشمس خاصة أولئك الذين يضطرون للعمل في الأماكن الخارجية ممن يتعرضون لأشعة الشمس لساعات متواصلة. أثر البناء الحضري على المساحات الخضراء في العراق
غسيل الأموال وتجريف الاشجار
يعتبر الفساد السياسي وغياب النزاهة عاملاً آخر يسهم في تراجع المساحات الخضراء في العراق. يُعدّ الاستثمار العقاري في بغداد موردًا رئيسيًا لغسل الأموال، حيث يتم بناء المجمعات التجارية والمطاعم بشكل دوري مقابل تحويل الأراضي الخضراء إلى مناطق سكنية وتجارية، بأموال تتجاوز المليارات، لصالح وجوه سياسية متنفذة. أثر البناء الحضري على المساحات الخضراء في العراق
في فترة الاحتلال الأمريكي للعراق عام ٢٠٠٣، قام المواطنون، خاصة الذين يعيشون بجوار البساتين، بقطع الأشجار لاستخدامها كوقود في التدفئة، نظرًا لصعوبة الحصول على غاز الطهي. وقد أسفرت هذه الظروف عن اختفاء الأشجار، وساهمت عمليات التجريف في بعض البساتين، التي قامت بها القوات الأمنية والميليشيات خلال الاقتتال الطائفي،طيلة السنوات في منع تحويلها إلى ملاذات آمنة للجماعات الإرهابية أو استخدامها كمخابئ. أثر البناء الحضري على المساحات الخضراء في العراق
تفاقم هذه التحديات بسبب غياب السياسات الفعّالة والتشريعات البيئية الراسخة، حيث يشهد العراق تفاقمًا في التداول العشوائي للاستخدامات الأرضية.
التأثير والخلافات حول تجريم المثلية الجنسية في القانون العراقي