Share This Article
العراق
مع استمرار التكنولوجيا في سد الفجوات، أصبحت تطبيقات المواعدة سيف ذو حدين لمجتمع الميم-عين في العراق. وفي حين توفر هذه المنصات مساحة للتواصل والتعبير عن الذات، إلا أن هناك جانبًا مظلمًا غالبًا ما يمر دون أن يلاحظه أحد.
في قلب العراق، حيث تتغير التحولات الاجتماعية ببطء، يظهر جيل جديد يستعين بتكنولوجيا المواعدة لاكتشاف طرق جديدة للحب والتواصل. تطبيقات المواعدة للمثليين تلعب دوراً حيوياً في هذا السياق، حيث يسعى أفراد مجتمع الميم-عين في العراق إلى التخلص من التحديات والقيود الثقافية. الجانب المظلم لتطبيقات المواعدة في العراق
يعد هذا الظهور المتزايد لتطبيقات المواعدة خطوة نحو تغيير فعّال في مفهوم العلاقات في المجتمع العراقي. و يوفر هذا الوسيلة الرقمية منصة لأفراد مجتمع الميم-عين للتعبير عن أنفسهم والبحث عن شركاء متوافقين. ومع ذلك، هناك مخاوف أخرى وهي الارتفاع في عمليات الاحتيال والمخاوف المتعلقة بالخصوصية.على الرغم من عدم الكشف عن الهوية الذي توفره تطبيقات المواعدة، إلا أنه يمكن للمستخدمين أن يقعوا ضحية للممارسات الخادعة بسهولة.
يتحدث مستخدمو تلك التطبيقات عن التحديات التي قد تواجههم، بما في ذلك الأحكام المسبقة المحتملة الموجودة في مجتمعاتهم و التعامل مع المخاطر حيث تضع أيضاً أمامهم تحديات اجتماعية وامنية. الجانب المظلم لتطبيقات المواعدة في العراق
يشارك سيف علي، البالغ من العمر 20 عامًا، تجربته ” في مجتمع حيث يمكن أن يتعرض أي شخص فيه للقتل بسبب توجهاته الجنسية. في هذا السياق، يظهر التحدي الكبير في التعرف على أفراد مثليين في العالم الحقيقي، خاصةً في مجتمع مثل العراق، دون اللجوء إلى تطبيقات المواعدة أو شبكات التواصل الاجتماعي. حيث تسهم تطبيقات المواعدة، التي تتميز بسهولة الاستخدام وسرعة الوصول، في توفير خيار آمن لأفراد مجتمع الميم-عين في العراق للتعرف على أشخاص آخرين في نفس الحي أو المنطقة. ومع ذلك، يبرز جانب آخر لهذه التطبيقات، وهو قلة الوعي الصحي والجنسي“.
“عند استخدام تطبيقات المواعدة في العراق، يفاجأ المستخدم بأشخاص لا يملكون فهماً كافياً حول المثلية الجنسية، الأمراض المنقولة جنسياً، الجنس الآمن، وحتى السن القانوني لممارسة الجنس. يضاف إلى ذلك، تظهر فئات كثيرة تمارس التنمر وتروج للكراهية تجاه الأجساد التي لا تتناسب مع معاييرهم. هذا الوضع يخلق بيئة سامة نفسياً وخطرة جسدياً“.
البيدوفيليا
تتميز معظم تطبيقات المواعدة بوجود سيرة ذاتية تقع أسفل الصورة، حيث يستغل الكثيرون هذه المساحة لذكر الصفات المرغوبة في الشريك المحتمل، مثل العمر والوزن والطول والتحصيل الدراسي. ومع ذلك، يظهر أمر غريب حين يتم ذكر العديد من الأفراد أن العمر المفضل لشريك حياتهم يكون دون السن القانوني، كما يظهر في تعيينهم للحد الأدنى للعمر كخمسة عشر عاما أو أقل. الجانب المظلم لتطبيقات المواعدة في العراق
بما أن تطبيقات المواعدة تُعتبر الوسيلة الأسرع للتعرف على أصدقاء قريبين، يتواجد العديد من الأشخاص الذين لم يبلغوا السن القانوني، حيث لا يكون هدفهم الدخول في علاقات عاطفية بل التعرف على أصدقاء أو أشخاص يمكنهم مشاركتهم تجاربهم. ومعاناتهم، و يستغل البعض هذه التطبيقات لاستغلال وجذب هؤلاء المراهقين بشكل غير قانوني.
التأثير على الصحة العقلية
يقول دين (١٧ عاماً)، وهو شاب مثلي من بغداد، “عندما كنت في سن السادسة عشرة، تعرضت لتهديد خطير عبر أحد تطبيقات المواعدة حيث قابلت شخصاً كان ودياً في البداية، ولم يثير شكوكي بسبب تصرفاته وطريقة حديثه. ومع مرور الوقت، بدأ يطرح أسئلة غريبة حول معلومات شخصية مثل مكان إقامتي ومكان دراستي. بينما كان يبني هذه المحادثات، كان يجمع معلومات حساسة”. الجانب المظلم لتطبيقات المواعدة في العراق
في أحد الأيام، قام المبتز بإرسال حساب دين الشخصي على فيسبوك، و الذي يحتوي على صور عائلته وأصدقائه. و بدأ بتهديده بشكل مباشر، معبرًا عن رغبته في ممارسة الجنس معه أو فضحه أمام عائلته.
قال دين “هذا السلوك أثار دهشتي، خاصة أننا لم نتحدث سابقاً عن هذه القضايا، ولم يكن لدي توقع بأنه سيصل إلى هذا الحد. اضطررت إلى حذف جميع حساباتي وعشت في حالة من الرعب والخوف.و بعد أسبوع، أخبرني أحد أصدقائي بأنه واجه نفس الوضع مع نفس الشخص، وبعد فترة اكتشفنا أن هذا الفرد كان يستدرج ويبتز العديد من الأشخاص في المجتمع“. الجانب المظلم لتطبيقات المواعدة في العراق
الإطار القانوني لتطبيقات المواعدة
في تطبيقات المواعدة، يوجد العديد ممن يسعون إلى ممارسة الجنس مع الأشخاص القاصرين، وعندما يتم رفضهم، يلجأون إلى عمليات الابتزاز والتهديد. هذا الوضع يجعل المثليين يعيشون في حالة من القلق والترقب عند التفاعل في هذه التطبيقات، حيث يجدون أنفسهم ضحايا لاستغلال غير أخلاقي وممارسات غير قانونية تستهدفهم بشكل مباشر
نظرًا لأن هذه التطبيقات تعمل في ظل غياب الإشراف القانوني وخارج إطار المجتمع، كما أن هويات معظم المستخدمين فيها غير معروفة، أصبحت هذه المنصات تشبه إلى حد كبير السوق السوداء، حيث يتوفر فيها محتوى لا يتعلق بالمثلية فحسب، مثل قضايا الاعتداء الجنسي على الأطفال وتبادل الشركاء والعلاقات الجنسية بين المستخدمين، إضافةً إلى الدعارة بأشكالها المختلفة. ورغم أن العديد من هذه التطبيقات موجهة بشكل خاص للرجال، يظل الأمر مثيرًا للقلق بسبب الفرص التي تتيحها لتبادل محتوى غير قانوني وغير أخلاقي. الجانب المظلم لتطبيقات المواعدة في العراق
الابتزاز المالي
يقول هايدن، البالغ من العمر 21 عامًا، شاب مثلي الجنس من مدينة النجف جنوب غرب بغداد: “هناك العديد من الأشخاص الذين لا ينتمون إلى مجتمع الميم-عين ويعتقدون أن هذه التطبيقات مجرد وسيلة لممارسة الجنس العشوائي. ففي إحدى المرات، تلقيت رسالة من شخص يطلب صورًا لشقيقتي في بداية المحادثة، وفي مناسبة أخرى، تواصل معي شخص آخر عبر هذه التطبيقات وسألني إذا كنت مهتمًا بممارسة الجنس مقابل مبلغ مالي.
تستخدم العديد من الأفراد المال كوسيلة لتحقيق رغباتهم المحظورة في بعض التطبيقات، حيث يعرضون مبالغ مالية كبي مقابل لقاءات ليلية. بالإضافة إلى ذلك، يرفضون أي تفاعل جنسي أو عاطفي بدون مقابل مالي. هذا السلوك قد دفع العديد من الأفراد، نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة، إلى اللجوء إلى هذه التطبيقات بهدف الحصول على تلك المبالغ المالي الجانب المظلم لتطبيقات المواعدة في العراق
و أصبحت هذه التطبيقات بيئة ملائمة لعمليات الابتزاز التي تهدف إلى الحصول على الأموال. بالإضافة إلى ذلك، يُعد تسييس القضايا الأخلاقية والدينية بهدف تشويه سمعة المثليين بناءً على اعتقادات معينة، من بين التحديات التي تواجههم في هذا السياق. الجانب المظلم لتطبيقات المواعدة في العراق
أنظمة الدعم المحدود
يفتقر العراق إلى أنظمة دعم قوية لأولئك الذين يواجهون تحديات في تطبيقات المواعدة. يؤدي غياب الحماية القانونية وموارد المجتمع إلى تفاقم ضعف الأفراد المثليين الذين يعانون من التمييز أو التحرش عبر الإنترنت الجانب المظلم لتطبيقات المواعدة في العراق
يقول عماد، البالغ من العمر 28 عامًا وهو شاب مثلي من الناصرية في جنوب العراق: “في أحد الأيام، تعرفت على شخص وبعد فترة طويلة من التعارف والخروج معه، اكتشفت فجأة أن صوري قد وصلت إلى عدة أشخاص آخرين. بدأوا في مراسلتي والتهديد بنشر هويتي في المنطقة إذا لم أمارس الجنس معهم، مما جعلني عاجزًا عن إيجاد حلاً. أصبحت ضحية للاعتداء الجنسي والاغتصاب من قبل مجموعة من الأشخاص عدة مرات، مما قلب حياتي رأسًا على عقب. لم أستطع النوم لفترة طويلة، وحتى اليوم أكره تلك الصدفة التي أدت إلى التعرف عليهم”.
غالبًا ما تتخذ عمليات الابتزاز شكل حملات منظمة يقوم بها افراد أو جهات معينة لاستهداف مجتمع الميم في العراق.
يروي إيليوت، البالغ من العمر 21 عامًا، تجربته قائلاً: “واجهت حالات ابتزاز عدة مرات عبر تطبيقات المواعدة، وكانت آخرها قبل فترة عندما تواصل شخص معي. وبعد فترة، تم نشر صوري ومعلوماتي على إحدى الصفحات في إنستغرام، تتضمن رقم هاتفي وموقعي ومعلومات حساسة لم أقم بمشاركتها من قبل“. الجانب المظلم لتطبيقات المواعدة في العراق الجانب المظلم لتطبيقات المواعدة في العراق
يضيف “طلب مني تغيير توجهي الجنسي أو الإفصاح عنه لعائلتي، ووافقت في تلك اللحظة للتخلص منه. ولكن بعد فترة، تواصل معي مرة أخرى وقام بابتزازي، بطلب دفع مبالغ مالية، فقمت بحذفه. و حتى الآن، لا أعلم ما الذي قد يحدث. عندما تحدثت مع صديقي، أخبرني أنني لست الشخص الوحيد، بل هناك خمس أشخاص آخرين تعرضوا لنفس الوضع بالضبط، مما يوحي بأن ما يقومون به هو جزء من حملات مستهدفة ضدنا“. الجانب المظلم لتطبيقات المواعدة في العراق الجانب المظلم لتطبيقات المواعدة في العراق
الأمن والمليشيات في العراق
لم يقتصر استخدام تطبيقات المواعدة على الأفراد في البحث عن العلاقات العاطفية فحسب، بل أصبحت هذه التقنية أداة لاستخدامها من قبل بعض المليشيات المسلحة وقوات الأمن في العراق. يُستخدم هذا النوع من التكنولوجيا لتنفيذ عمليات تصيد تستهدف أفرادًا معينين، سواء بغرض القتل أو الاعتقال. الجانب المظلم لتطبيقات المواعدة في العراق
تشير تقارير منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقريرها الأخير بعنوان “الكل تريدني أموت“، إلى أن هناك ميليشيات مسلحة تنفذ حملات ممنهجة باستخدام تطبيقات المواعدة. يكون هدفها استدراج أفراد من مجتمع الميم، حيث تسعى إلى الحصول على أكبر قدر ممكن من معلوماتهم الشخصية. تعتمد هذه العمليات على إغراء الأفراد وإقناعهم باللقاء الشخصي، وقد يستغرق هذا الأمر في بعض الأحيان أشهرًا كاملة. يهدفون من خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة إلى تحقيق شعور بالأمان وبناء الثقة بين أفراد المليشيات وقوات الأمن المتورطة في هذه العمليات.
يتحدث عماد، الشاب المثلي البالغ من العمر 28 عامًا والمقيم في الناصرية، عن تجربته المروعة أثناء استخدام تطبيقات المواعدة. خلال رحلته إلى بغداد، قرر فتح أحد تلك التطبيقات وتعرف على شخص آخر دون أن يكشف له عن هويته كضابط. وخلال لقائهما في منطقة الكرادة وسط بغداد، فاجأه الشخص بسحب مسدس وطرح عليه سؤالًا صادمًا “هل ترى المسدس؟” . حيث هدد عماد بتفريغ الرصاص في رأسه إذا رأى أنه يقوم بأفعال غير مقبولة في تلك المنطقة مرة أخرى. ترك هذا اللقاء آثارًا عميقة على نفسية عماد، حيث توقف عن التعرف على أي شخص لمدة سنتين. الجانب المظلم لتطبيقات المواعدة في العراق
يتجه بعض الأفراد إلى الشرطة كوسيلة للنجاة من محاولات الابتزاز، رغم المخاطر الكبيرة المرتبطة بها. قصة أحمد (٢٣ عامًا) من البصرة تُلقي الضوء على هذا الوضع.
حيث يشير أحمد إلى أنه قبل عام، تلقى رسالة من شخص طلب تبادل صورهم للتعارف، وبعد التبادل أدرك أنه يعرف هذا الشخص، إذ انه كان أحد أقاربه. و بدأ الشخص في محاولة ابتزازه لإجباره على اللقاء به أو فضحه. و في مواجهة هذا التهديد، قرر أحمد أن يتصرف بسرعة وحذر وقام بحظر هذا الشخص على الفور.الجانب المظلم لتطبيقات المواعدة في العراق
وبعد مدة تلقى رسالة من احد الاشخاص لترتيب لقاء، وعندما اجتمع مع الشخص الذي كان يرتدي كمامة في بداية اللقاء، اكتشف أنه نفس الشخص الذي قام بتهديده سابقًا. حيث هدده من خلال توجيه إصابات بواسطة جهاز صاعق كهربائي. لم يعرف أحمد كيف يتصرف للهروب ولكن عند مرورهم بنقطة تفتيش، قام بضرب الزجاج طلبًا للمساعدة، وعندما اقتربت الشرطة، أخبرهم بأنه مختطف دون التطرق لمثليته و قامت الشرطة بالتدخل فورًا، وتم انقاذه.
يقول احمد ” لو عرفوا هويتي لما قاموا بمساعدتي هكذا فان رجال الامن لا يحمون أفراد مجتمع الميم عين في العراق، فلو عرف الامن ان شخص ما مثلي سوف يمارسون عليه شتى أنواع العنف والتعذيب“.
أن الواقع الذي يعيشه أفراد مجتمع الميم-عين في العراق من خلال تطبيقات المواعدة يكشف عن تحديات كبيرة ومخاطر حقيقية تواجههم. أن تجربة المثليين في استخدام تطبيقات المواعدة في العراق تتخذ منحى مظلمًا ومعقدًا، حيث يتعرضون لمختلف أشكال الابتزاز والتهديد في ظل تغيرات المجتمع والتقدم الاجتماعي، تظهر الضرورة الملحة لتعزيز حقوق المثليين وحمايتهم من التمييز والعنف. الجانب المظلم لتطبيقات المواعدة في العراق